وهذه الروايات وإن كانت ظاهرة فيمن لم يتمكن من إدراك الاختياري قاصرة عن التصريح بالناسي، إلا أنه مستفاد من التعليل المصرح به في الصحيحة الأولى، إذ لا شك أن النسيان من أقوى الأعذار، بل يمكن الاستدلال به على عذر الجاهل أيضا - كما هو ظاهر الذخيرة والدروس (1) - إذا كان الجهل ساذجا غير مشوب بتقصير أصلا.
وتؤيد حكم المضطر والناسي والجاهل جميعا المستفيضة من الأخبار الصحيحة وغيرها (2) الآتية، المصرحة بأن من أدرك جمعا فقد أدرك الحج.
فرعان:
أ: الواجب في الوقوف الاضطراري مسمى الكون، لا استيعاب الليل، إجماعا محققا ومحكيا في التذكرة (3) وغيرها (4)، ويدل عليه إطلاق الأخبار المتقدمة، بل تصريح بعضها بقوله: (قليلا).
ب: وجوب الوقوف الاختياري إنما هو مع علمه أو ظنه بأنه إذا أتى به يدرك اختياري المشعر، أما لو لم يعلم ولم يظن ذلك - بأن احتمل فواته أو ظنه أو علمه - لا يجب عليه.
أما مع ظن الفوات أو علمه فلجميع الأخبار المتقدمة.
وأما مع الاحتمال فلصحيحة الحلبي (5)، لأن معنى قوله: (وإن كان في مهل) أنه كان كذا بحسب علمه أو ظنه، لأن الألفاظ وإن كانت للمعاني