الثالث: ان الشروط من الكيفيات والحالات للمشروط، فلا يتحقق التجاوز عنها لا بالحقيقة ولا بالمسامحة، بل التجاوز بكلا معنييه يتحقق بالنسبة إلى المتكيف بها دونها، فلا مجال حينئذ لجريان قاعدة التجاوز فيها، لعدم صدق موضوعها.
والجواب: ان الشروط على قسمين: قسم له وجود مستقل، كالستر والاستقبال والطهارة وقسم لا يكون كذلك، بل يكون كيفا للغير، كالترتيب والموالاة. فالقسم الأول يتحقق بالنسبة إليه التجاوز، فلا يكون مشمولا لهذا التقريب. نعم يبقى القسم الثاني، فان الكلام فيه تام، لأنه من كيفيات المشروط فلا وجود له الا بتبع مشروطه.
إلى هنا يظهر ان المحقق الأصفهاني يلتزم بالتفصيل بين ما له وجود مستقل من الشروط وبين ما لا وجود له كذلك، فتجرى القاعدة في الأول دون الثاني.
وقد سبقه إلى ذلك الشيخ وتقريبه واضح، لاخذ الشئ موضوعا للشك الذي هو مورد القاعدة، وواضح عدم صدقه عرفا على ما لا وجود له بنفسه.
الا انه (قدس سره) ذكر بيانا اخر يحقق فيه عدم جريان القاعدة في مطلق الشروط، ومحصله: ان التجاوز قد فسر في بعض النصوص بالخروج عن الشئ والدخول في غيره، وهذا يستدعى المغايرة بين المتجاوز عنه والمتجاوز إليه، ولا اشكال في عدم صدق هذا المعنى عرفا في الشروط. فان الاستقبال - مثلا - واحد مستمر، لأنه متعدد بحيث يصدق على الاستقبال في الركعة الثانية انه غير الاستقبال في الأولى، ومع عدم المغايرة لا يتحقق الخروج والدخول في الغير كما لا يخفى، فلا موضوع لقاعدة التجاوز في الشروط، فلا مجال لجريانها (1).
وهذا التقريب وان كان بحسب النظر الأولى وجيها، الا انه يمكن المناقشة فيه بما ذكر في باب استصحاب الأمور التدريجية، من: ان الامر التدريجي وان كان