ذلك - ولو بلغ ألف واسطة - لا يضر، لأن شخص هذه الأخبار كانت مورد العمل والاحتجاج بمرأى الأئمة المتأخرين، فكان بمرأى العسكري (عليه السلام) العمل بها مع الوسائط الكثيرة.
وبالجملة: لو كانت الأخبار مع الوسائط الكثيرة مورد المناقشة، كما إذا أخبر بوسائط كثيرة عادل بطهارة المسبوق بالنجاسة، فربما يشكل بناء العقلاء عليه، للكثرة المورثة لضعف الصدق أحيانا، ولكن في خصوص مهمتنا - وهي أخبار كتب الحديث الموجودة بين أيدينا - لا إشكال حتى إذا ورد الدليل على عدم حجية الإخبار مع الوسائط الكثيرة، فإن هذه الأخبار خارجة عنها، لما أشير إليه.
وما في " تهذيب الأصول " - مد ظله -: " من التمسك بخبر عالي السند تكون وسائطه ثلاثا، لإثبات حجية مطلق خبر الثقة ولو كانت وسائطه كثيرة " (1) فهو لو كان الخبر المزبور صحيح الدلالة كان متينا، ولكنك عرفت فيما مضى: أنه بحسب المعنى أجنبي عن مسألة الخبر والأخبار، وأن التعليل بقوله (عليه السلام): " فإنه الثقة المأمون " أو " إنهما الثقتان المأمونان " (2) يفيد بالنسبة إلى الرجوع إلى أهل النظر في المسائل الشرعية وأخذ معالم الدين، فتدبر جيدا (3).
ثالثتها: أن القدر المتيقن من الخبر الحجة هو الخبر الحاكي للحكم، أو لموضوع ذي حكم، ويكون التعبد به باعتبار التعبد بمضمونه الذي هو الحكم، أو الموضوع ذو الحكم، والأخبار مع الواسطة ولو كانت واحدة، لا يتعبد بالخبر الثاني إلا باعتبار التعبد المتأخر عنه بالواسطة، وكأنه لا أثر للخبر في مبدأ السلسلة، وإذا