للجد، نظير سائر الموارد، إذ الشك فيها في الحكم الثابت بالدليل الاجتهادي، فإنه بعد ورود الدليل على حرمة الخمر مثلا، لا يمكن رفع الشك في دليلية دليله بدليله وإطلاقه، ومع ذلك يكون دليل الخمر رافعا، لأن ما هو الظاهر مطابق للجد، ومعناه حرمة الخمر على إطلاقها.
ولو كان يرجع كلامه إلى حديث أن الشك المزبور، من الأمور اللاحقة المتأخرة، ولا يمكن رفعه به، فهو غير تام كما برهن في محله (1)، إلا أن الأظهر أن منظوره ما ذكرناه، لا ما في " التهذيب " فراجع (2).
وفي كلامه (رحمه الله) جواب آخر: وهو أن المسألة من موارد دوران الأمر بين التخصيص والتخصص، والثاني متعين (3).
ولعمري، إن المراجع لتقريبه يظهر له خلافه، ويحتاج كلامه إلى ضم مقدمة، والإحالة أولى من الإطالة.
أقول: والذي يسهل الخطب ويهون الأمر: ما تبين في سالف البحث، وهو أن إجماع السيد لا يكشف عن شئ عندنا (4)، لأنه قد توافرت الأدلة السمعية والعقلية على عدم حجية الخبر الواحد، فيكون مستنده ذلك، وهكذا مستند سائر من في رتبته من القائلين بعدم الحجية، فلو فرضنا وجود الاجماع التام والمحصل فهو غير نافع، فضلا عن إجماع السيد غير الكاشف عن اتفاق الأصحاب بالضرورة، بل الأمر بالعكس، أو لا أقل من الشك.