وتكون كاشفيتها أقوى، لامتناع ذهاب أصحابنا الأقدمين إلى خلافها إلا لما كان عندهم، بحيث لو وصل إلينا لاتخذنا سبيلهم، وعملنا به، كما مر في تقريب حجية الاجماع (1)، فكلما ازدادت الأخبار قوة، ازدادت الشهرة المخالفة لها قوة، وتزداد تلك الأخبار ضعفا وفتورا.
ثم إن من المحتمل قويا أن يكون المراد من " الاجماع " - كما مر في الجهة الأولى من الجهات الخمس في المسألة السابقة (2) - هي الشهرة، ولا يكون المخالف الشاذ مضرا بصدق الاجماع، ولا مصطلح جديد له عندنا، ولا عند الآخرين، ولذلك ترى في الروايات إطلاق " الاجماع " على ما هو المشهور (3)، وذلك ليس إلا لعدم تضرر الاجماع بالشاذ النادر، وليس المفهوم اللغوي غير ما هو المقصود في كتب القوم، ولذلك فسروه بالاتفاق (4)، مع أنه قلما يوجد الاتفاق التام الكذائي.
فما في كتب المتأخرين: من البحث عن الاجماع تارة، وعن الشهرة أخرى (5)، غير موافق للتحصيل، فإن الشهرة والاشتهار إذا كانت كثيرة، توجب موضوع قاعدة اللطف، والقول بالدخول، وغير ذلك.
بل قد عرفت منا: أن الاجماع مما لا تكاد تحصل صغراه (6)، فيكون ما هو الحاصل هي الشهرة، فالمراد من الاجماعات في كثير من الفروع، ليس إلا الاشتهار