آنفا، فإن الاجماع ليس إلا الاتفاق على وجه لا يتضرر بمخالفة الواحد والاثنين، فإنهما من الشاذ النادر المتروك.
فعلى هذا يتبين أيضا: أن الشهرة التي بين رشدها حجة، والمخالف الشاذ لا يضر شيئا، ومقتضى الإطلاق عدم تضرر الشهرة بمخالفة أمثال الصدوق وغيره.
وبالجملة: ولو كانت الكاشفية عرفا وعند العقلاء، غير ممكنة في صورة مخالفة النادر الذي هو مثل الكليني مثلا، أو الصدوق وأبيه معا، ولكن للشرع التعبد بالحجية قانونا لمصالح، كما في باب سائر الأمارات، لو كان لدليلها الإطلاق القابل للتصديق.
ثم لنا دعوى: أن الشهرة في الرواية ولو كانت روائية، ولكن عموم التعليل، ومقتضى تطبيق " المجمع عليه " على تلك الشهرة، دليل على أن كل ما كان شهرة - بحيث يكون مقابلها الشاذ النادر، وهو " الاجماع " في تعبير آخر - يكون حجة، فتكون الشهرة الفتوائية منها.
وأما توهم: أن لازم ذلك هي حجية الشهرة في ذاتها بملاك على خلاف ملاك الاجماع، فإن الاجماع حجة عندنا لاحتوائه على السنة، أو رأي المعصوم (1).
فيندفع: بأن الظاهر البدوي ولو كان كذلك، وتصير النتيجة تعارض الشهرة والإجماع في عصر الأقدمين، مع الاجماع والشهرة في العصر المتأخر، ولكن النظر الدقيق يعطي أن مصب هذا التعليل في مورد تكون الشهرة - سواء كانت روائية أو فتوائية - والإجماع، كاشفين عن أمر مفروغ منه صادر عنهم (عليهم السلام) لقول عمر بن حنظلة: " وكلاهما اختلفا في حديثكم... " الحديث، فإن المعلوم منه هو الإرجاع إلى الشهرة لأنها الطريق، وهكذا الاجماع، فما هو من الاجماع القابل لأن يكون