إذا تبينت جهات البحث الكبروي، نقول قبل الخوض فيها: إنه ربما يقال: إن حجية الشهرة الفتوائية، تستلزم كاسرية الشهرة وجابريتها، وبعد الفراغ من حجيتها، لا وجه للبحث عن الجابرية والكاسرية في المقام، كما إذا قلنا بعدم حجية الشهرة الفتوائية، فلا معنى لاحتمال كونها جابرة أو كاسرة.
أقول: أما الدعوى الأولى: وهي أن مقتضى حجية الشهرة الفتوائية، جابرية الشهرة العملية، فهي ممنوعة، ضرورة أن الشهرة الفتوائية، تكشف أحيانا عن اشتهار الحكم، فلا سند هناك حتى يحتاج إلى الجبر، بخلاف الشهرة العملية، فالملازمة قابلة للمنع.
وأما الدعوى الثانية: فهي أيضا قابلة للمنع، لأن لمنع كاشفية الشهرة عن اشتهار الحكم، وجها كما مر (1)، لأن الحكم المفتى به عند المشهور، ليس مما يصح اشتهاره بين الأصحاب الأولين، وأما الشهرة الفتوائية العملية، فتوجب الوثوق بأن القدماء مع كثرتهم، لا يمكن الالتزام بخطئهم في السند، بعد بنائهم على العمل بالأسانيد المعتبرة، فمع اختلاف مشاربهم فيه إذا كانوا عاملين بسند، يحصل الوثوق به عند العقلاء، فيكون جابرا، من غير أن تكون حجة إذا كانت فتوائية، فالملازمة ممنوعة من الطرفين.
بقي الكلام فيما هو المهم بالبحث في ضمن مسائل: