في المقام (1)، فإنه وجه بارد، ويتوجه إليه ما في كلامهم عليه، فلا تخلط.
ومنها: أن العلم الاجمالي مقتض، ويجوز الترخيص على خلافه، فلا تحرم المخالفة القطعية.
وهذا هو الظاهر من " الكفاية " حيث قال: إن التكليف حيث لم ينكشف به تمام الانكشاف، وكانت مرتبة الحكم الظاهري محفوظة، جاز الإذن من الشارع بمخالفته احتمالا، بل قطعا. ومحذور المناقضة إنما هو المحذور بين الحكمين:
الظاهري، والواقعي في الشبهة غير المحصورة، بل الشبهة البدوية.
وتوهم: أن التكليف فيهما لا يكون بفعلي، مندفع بثبوت الفعلية في غير المحصورة، وباحتمالها في البدوية، فما به التفصي عن المحذور فيهما، كان به التفصي عنه في القطع به في الأطراف المحصورة.
فالعلم الاجمالي كالتفصيلي في مجرد الاقتضاء، لا في العلية التامة، فيوجب التنجز لو لم يمنع عن التنجز دليل وترخيص عقلي، كما في غير المحصورة، أو شرعي كما في المحصورة، حسب قوله (عليه السلام): " حتى تعرف الحرام منه بعينه " (2) انتهى ملخص مرامه (3).
وبالجملة: إن الفرق بين القولين المزبورين: أنه في الأول يكون العلم الاجمالي كالشك البدوي بالنسبة إلى البراءات الثلاث: العقلية، والعقلائية، والشرعية، وفي الثاني يكون مثله في خصوص البراءة الشرعية، دون العقلية والعرفية، والنتيجة واحدة.