أقول: ربما يتوهم أن المحققين: القمي، والخونساري، ذهبا إلى هذه المقالة (1)، وسيأتي أنهما - يحتمل بقوة - يقولان بمقالة " الكفاية " هنا، أو يقولان بالتفصيل بين العلم الاجمالي بالتكليف، وبين العلم الاجمالي بالحجة.
وبالجملة: إنكار أصل الأثر للعلم الاجمالي - مضافا إلى أنه خلاف البناءات العقلائية، والاحتجاجات العرفية - ينافي الصناعة، فإن قضية الشكل الأول في موارد العلم التفصيلي هو " أن هذا الخمر حرام " ضرورة أنه إذا أحرز أن ما في الإناء خمر، وطبق عليه الكبرى، تصير النتيجة: " أن ما في الإناء حرام ".
وأما إذا علمنا إجمالا: بأن هذا أو ذاك خمر، يجوز تطبيق الكبرى الكلية على هذا أو ذاك، فنقول: " هذا أو ذاك حرام، لأن الخمر حرام " فإذا وجدنا بعد تمامية الشكل الأول، أن هذا أو ذاك حرام، فيكون نظير الدليل الوارد اجتهادا ودليلا خاصا، بأن هذا أو ذاك حرام، فهل يمكن لك إجراء البراءة العقلية، بدعوى: أنه لا يعلم حين المخالفة عنوان الخلاف والعصيان، لاحتمال كون الحرام بعد ارتكاب الطرف الأول هو الطرف الأول، ويكون الثاني مباحا بحسب الواقع؟! فارتكاب جميع الأطراف غير جائز بالضرورة في مرتبة العقل.
ولا يخفى: أن التحريم التخييري الذي حررنا تصويره في محله (2) بيان، فلا يجوز ارتكاب المجموع، وأما إذا فرض التحريم المزبور من باب العلم الاجمالي، فإنه حينئذ يثبت البيان عند العقل، ولا يجوز الاقتحام في المجموع، لتمامية الشكل الأول بحسب الواقع بالضرورة.
ومما ذكرنا توجيها لهذا القول، يظهر ضعف ما أفاده العلامة النائيني وغيره