وأما التقريرات فاتخذ سبيلا آخر " وهو أن للشارع الترخيص في بعض الأطراف، بجعل الطرف الآخر بدلا، وهذا هو من التصرف في مقام الامتثال، وقد جوزنا ذلك حتى في العلم التفصيلي في وادي الفراغ " (1).
أقول: في مفروض البحث - وهو العلم الاجمالي بالإرادة الفعلية والتكليف الحتمي - لا يمكن الترخيص في أحد الأطراف، ضرورة أنه لو كان معنى الترخيص، هو جعل الحلية للخمر إذا كان مشكوكا، أو للخمر المشكوك، أو كان معنى الترخيص رفع الحرمة عن الخمر المشكوك، أو عن الخمر إذا كان مشكوكا، يلزم في صورة كون الطرف المرتكب هو الخمر، اجتماع الإرادتين المتنافيتين: إرادة التحريم، وإرادة الترخيص، وهذا هو احتمال المناقضة الذي هو في حكم المناقضة في الاستحالة عقلا.
وأما الترخيص في بعض الأطراف في مفروض المسألة، فهو كما يستحيل، يستحيل في الشبهة البدوية أيضا، وكما لا يعقل هناك الترخيص إلا بالتصرف في الفعلية والإرادة، كذلك الأمر هنا، فيلزم الخلف، وتصير النتيجة على هذا ممنوعية الترخيص مطلقا، فلو ورد دليل على الترخيص، فيحمل على وجه يستتبع التصرف في الحكم الواقعي، كما سيجئ في محله إن شاء الله تعالى (2).
وأما ما في " الدرر " وفي الحاشية، فالذي يتوجه إليه: أن الشارع لا يعقل له الترخيص حتى بما أنه عاقل، لاتحادهما، فلا بد في صورة الترخيص من ملاحظة المصالح العامة في الأحكام الواقعية، ومن مصلحة التسهيل، وبعد الكسر والانكسار إما يقدم الواقع فيحتاط، أو يقدم الثاني فيرخص. هذا بحسب التصور.