مع قوله بكفرهم ونجاستهم ونحو ذلك مما تقدم في كتب العبادات، وهل يدعي أحد أنه منذ وقت موت النبي صلى الله عليه وآله إلى يومنا هذا صار للشيعة حكم وقضاة، يحكمون ويقضون في الحرم أو غيره، يحبسون ونحو ذلك مما ذكره حتى أنه يمكنه الاحتجاج بما ذكره، ما هذا إلا تحكمات باردة، وتمحلات شاردة.
والعجب منه عفى الله تعالى عنه في رده هذا الأخبار وأمثالها، وتكذيبه بها مع ما استفاض عنهم عليهم السلام من النهي عن التكذيب بما جاء عنهم ولو جاء به خارجي أو قدري، وأن ما رانت له قلوبكم فاقبلوه، وما اشمأزت منه فردوه إلينا، ما هذه إلا جرأة زائدة من هذا الفاضل النحرير، وخروج عن الدين من حيث لا يشعر صاحبه نسأل الله تعالى المسامحة لنا وله من هفوات الأقلام، وزلات الأقدام.
وأما ما ذكره العلامة من التفصيل تبعا لابن بابويه لكنه حكم بالكراهة فيما حكم به ابن بابويه بالتحريم ففيه ما عرفت من أن ظاهر الرواية هو التحريم، وحمله لها على الكراهة يحتاج إلى دليل.
والاستناد إلى الأصل في مقابلة الخبر الذي ظاهره التحريم غير مسموع، هذا بالنسبة إلى الاستدانة خارج الحرم، وأما مع وقوعها في الحرم فجيد، لما عرفت من كلام الرضا عليه السلام في الكتاب المتقدم، والأنسب له هنا الاستناد إلى الأصل، فإنه في محله، وتخرج الرواية المذكورة شاهدة على ذلك.
وأما إضافة مسجد النبي صلى الله عليه وآله والمشاهد المقدسة إلى الحرم كما ذكره الفاضلان المتقدمان فلم نقف له على مستند، وكأنهما لاحظا اشتراك الجميع في شرف المكان، وهو قياس محض والله العالم.
المسألة الرابعة الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب في أنه بموت المديون تحل ديونه المؤجلة، وإنما الخلاف في الحل بموت الغريم، فذهب جماعة منهم الشيخ في النهاية وأبو الصلاح وابن البراج والطبرسي إلى ذلك.
والمشهور وهو قول الشيخ في الخلاف، والمبسوط خلافه، وعلل الأول بأن بقاء الدين على الميت بعد موته لا معنى له، ومعلوم أنه لم ينتقل إلى ذمة الورثة،