فقال لي: أكان يصلك قبل أن تدفع إليه مالك؟ قلت: نعم، قال: خذما يعطيك فكل منه واشرب وحج وتصدق، فإذا قدمت العراق فقل جعفر بن محمد أفتاني بهذا ".
وما رواه الحميري في كتاب قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر (1) عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام " قال: سألته عن رجل أعطى رجلا مئة درهم على أن يعطيه خمسة دراهم، أو أقل أو أكثر قال: هذا الربا المحض ".
هذا ما حضرني من أخبار المسألة وجلها كما ترى متفق الدلالة واضح المقالة على حل الانتفاع بما يحصل في القرض، ويترتب عليه من المنافع إلا مع الشرط وأما ما دل عليه صحيح يعقوب بن شعيب مما ينافي ما ذكرناه فقد حمله الشيخ على الكراهة تارة، وعلى الشرط أخرى، والأقرب عندي حمله على التقية لما يفهم من الخبر الأول وخبر هذيل بن حيان، فإن ظاهرهما أن مذهب العامة تحريم القرض الذي يجر المنفعة مطلقا.
وقد رووا عن النبي صلى الله عليه وآله " أن كل قرض يجر المنفعة فهو حرام " (2) ولهذا تكاثرت الأخبار ردا عليهم، بأن خير القرض ماجر المنفعة، وإنما منعت في صورة الشرط خاصة، كما تقدم في الأخبار خصوصا رواية خالد بن الحجاج من قوله عليه السلام " جاء الربا من قبل الشروط، إنما يفسده الشروط ".
وأما ما دل عليه خبر غياث بن إبراهيم من حساب الهدية من الدين، فحمله الشيخ على الهدية الغير المعتادة أو المشترطة جمعا بين الأخبار، وحمله بعضهم على الاستحباب، ولا بأس به، ويشير إلى ذلك قول عليه السلام في موثق إسحاق بن عمار " وما أحب له أن يفعل " بعد أن صرح بالجواز، ولا منافاة في ذلك لباقي الأخبار، فإن غاية ما يدل عليه الجواز، وهو لا ينافي الكراهة.