المترتبة على التصرف في هذا الباب المغايرة للتصرف على وجه الإباحة تتوقف على ما يدل على جواز التصرف، وليس إلا العقد والقبض، قالوا: وايجابه أن يقول أقرضتك أو أسلفتك أو ملكتك وعليك عوضه، أو خذه أو تصرف فيه أو انتفع به ونحو ذلك.
وبالجملة فإن صيغته لا تنحصر في لفظ كالعقود الجايزة، بل كل لفظ دل عليه كفى، إلا أن أقرضتك صريح في معناه، فلا يحتاج إلى ضميمة عليك رد عوضه، ونحوه وغيره من الألفاظ يحتاج إليها، فلو تركها وكان بلفظ التمليك أفاد الهبة إن لم يكن ثمة ما يدل على الفرض من قراين المقام، ولم يعلم قصده، لأن اللفظ المذكور صريح في ذلك، ولو كان بلفظ السلف كان فاسدا، لأنه حقيقة في السلم، ولم يوجد ما يصرف عنه كما هو المفروض، ولم يجتمع شرائطه، ولو كان بغيرهما من الألفاظ الدالة على الإباحة فهو على ما يقتضيه ظاهر اللفظ، إلا مع القصد إلى الهبة فيدخل فيها، ولو اختلفا في القصد فالقول قول الموجب، لأنه أبصر بما قاله.
ولو اختلفا في الهبة بأن ادعى القابض كونه هبة، وادعى المعطي كونه قرضا فقد قطع في التذكرة بتقديم قول صاحب المال محتجا بأنه أعرف بلفظه، وأن الأصل عصمة ماله وعدم التبرع، ووجوب الرد على الأخذ لقوله (1) صلى الله عليه وآله " على اليد ما أخذت حتى تؤدي " ثم احتمل تقديم دعوى الهبة.
واستشكل في القواعد وأورد على ما احتج به في التذكرة بأن لفظ التمليك حقيقة في الهبة، لأنه تمام مفهومه الشرعي، وأما كونه بمعنى القرض فيفتقر إلى ضميمة أخرى، لأنه معنى مجازي يتوقف الحمل عليه على القرينة، والفرض انتفاؤها، ولا خلاف ولا شبهة في أن دعوى خلاف الظاهر والحقيقة في ساير العقود ولا يلتفت إليها، والقصد وإن كان معتبرا إلا أن الظاهر في الألفاظ الصريحة اقترانها بالقصد، وأنه لو أريد غيره لذكرت القرينة معه، ومن هنا أجمعوا على أنه لو ادعى عدم القصد إلى البيع ونحوه مع تصريحه بلفظه لم يلتفت إليه.
ومن ذلك يعلم أن أصالة العصمة قد انقطعت باللفظ الصريح الدال على الانتقال،