الاعراب: (وتخونوا) مجزوم على النهي، وتقديره ولا تخونوا عن الأخفش، وهو في معنى قول ابن عباس. وقيل: إنه نصب على الظرف، مثل قول الشاعر:
لا تنه عن خلق، وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم وهو في معنى قول السدي.
النزول: قال عطا: سمعت جابر بن عبد الله يقول: إن أبا سفيان خرج من مكة، فأتى جبرائيل عليه السلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: إن أبا سفيان في مكان كذا وكذا، فاخرجوا إليه واكتموا. قال: فكتب إليه رجل من المنافقين: إن محمدا يريدكم فخذوا حذركم، فأنزل الله هذه الآية. وقال السدي: كانوا يسمعون الشئ من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فيفشونه حتى يبلغ المشركين. وقال الكلبي، والزهري: نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر الأنصاري، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حاصر يهود قريظة إحدى وعشرين ليلة، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصلح على ما صالح عليه إخوانهم من بني النضير على أن يسيروا إلى إخوانهم إلى أذرعات، وأريحاء من أرض الشام، فأبي أن يعطيهم ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إلا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ، فقالوا: أرسل إلينا أبا لبابة، وكان مناصحا لهم لأن عياله وماله وولده كانت عندهم، فبعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسام، فأتاهم، قالوا: ما ترى يا أبا لبابة أننزل على حكم سعد بن معاذ؟ فأشار أبو لبابة بيده إلى حلقه: إنه الذبح فلا تفعلوا. فأتاه جبرائيل عليه السلام، فأخبره بذلك، قال أبو لبابة: فوالله ما زالت قدماي من مكانهما، حتى عرفت أني قد خنت الله ورسوله، فنزلت الآية فيه، فلما نزلت شد نفسه على سارية من سواري المسجد. وقال: والله لا أذوق طعاما، ولا شرابا، حتى أموت، أو يتوب الله علي! فمكث سبعة أيام لا يذوق طعاما، ولا شرابا، حتى خر مغشيا عليه، ثم تاب الله عليه، فقيل له: يا أبا لبابة! قد تيب عليك. فقال: لا والله لا أحل نفسي حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، هو الذي يحلني. فجاءه فحله بيده، ثم قال أبو لبابة: إن من تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، وأن أنخلع من مالي. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: يجزئك الثلث أن تصدق به، وهو المروي عن أبي جعفر، وأبي عبد الله عليهما السلام.
المعنى: ثم أمرهم الله سبحانه بترك الخيانة، فقال: (يا أيها الذين آمنوا لا