واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شئ فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون 156. القراءة: في الشواذ قراءة الحسن، وعمرو الأسواري: (من أساء)، والقراءة المشهورة: (من أشاء) والوجه فيه ظاهر.
المعنى: هذا تمام ما قاله موسى في دعائه (واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة) سأل الله سبحانه أن يكتب لهم الحسنة في الدنيا، وهي النعمة، وإنما سميت النعمة حسنة، وإن كانت الحسنة اسم الطاعة لله لأمرين: أحدهما: إن النعمة تتقبلها النفس، كما أن الطاعة يتقبلها العقل، والآخر: إنها ثمرة الطاعة لله، وإنما ذكر بلفظ الكتابة، ولم يقل: واجعل لنا، أو أوجب لنا، لأن الكتابة أثبت وأدوم، يقال:
كتب رزق فلان في الديوان، فيدل ذلك على دوامه وثبوته على مرور الأزمان (وفي الآخرة) معناه واكتب لنا في الآخرة حسنة، أيضا، كما في قوله (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة). وقيل: الحسنة في الدنيا: الثناء الجميل، وفي الآخرة: الرفعة. وقيل: هي في الدنيا: التوفيق للأعمال الصالحة، وفي الآخرة:
المغفرة، والجنة (إنا هدنا إليك) أي: رجعنا بتوبتنا إليك، والهود، الرجوع.
(قال) الله. تعالى مجيبا لموسى عليه السلام (عذابي أصيب به من أشاء) ممن عصاني، واستحقه بعصيانه، وإنما علقه بالمشيئة، لجواز الغفران في العقل (ورحمتي وسعت كل شئ) قال الحسن، وقتادة: إن رحمته في الدنيا وسعت البر والفاجر، وهي يوم القيامة للمتقين خاصة. وقال عطية العوفي: وسعت كل شئ، ولكن لا تجب إلا للذين يتقون، وذلك أن الكافر يرزق، ويدفع عنه بالمؤمن، لسعة رحمة الله للمؤمن، فيعيش فيها، فإذا صار في الآخرة، وجبت للمؤمنين خاصة، كالمستضئ بنار غيره، إذا ذهب صاحب السراج بسراجه. وقيل: معناه أنها تسع كل شئ إن دخلوها، فلو دخل الجميع فيها لوسعتهم، إلا أن فيهم من لا يدخل فيها لضلاله. وفي الحديث: (إن النبي عليه السلام قام في الصلاة، فقال أعرابي وهو في الصلاة: اللهم ارحمني ومحمدا، ولا ترحم معنا أحدا! فلما سلم رسول الله عليه السلام