وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون 126 لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعلمون 127.
المعنى: ثم أشار تعالى إلى ما تقدم من البيان فقال: (وهذا صراط ربك) أي: طريق ربك، وهو القرآن، عن ابن مسعود، والإسلام، عن ابن عباس، وإنما أضافة إلى نفسه لأنه تعالى هو الذي دل عليه، وأرشد إليه (مستقيما) لا اعوجاج فيه، وإنما انتصب على الحال. وإنما وصف الصراط الذي هو أدلة الحق بالاستقامة مع اختلاف وجوه الأدلة، لأنها مع اختلافها تؤدي إلى الحق، فكأنها طريق واحد لسلامة جميعها من التناقض والفساد (قد فصلنا الآيات) أي: بيناها وميزناها.
(لقوم يذكرون) وأصله يتذكرون خص المتذكرين بذلك لأنهم المنتفعون بالحجج، كما قال: (هدى للمتقين).
(لهم دار السلام) أي: للذين تذكروا وتدبروا، وعرفوا الحق وتبعوه، دار السلامة الدائمة الخالصة، من كل آفة وبلية، مما يلقاه أهل النار، عن الزجاج، والجبائي. وقيل: إن السلام هو الله تعالى، ودار الجنة، عن الحسن، والسدي (عند ربهم) أي: هي مضمونة لهم عند ربهم، يوصلهم إليها لا محالة، كما يقول الرجل لغيره: لك عندي هذا المال أي: في ضماني. وقيل: معناه لهم دار السلام في الآخرة، يعطيهم إياها (وهو وليهم) يعني الله يتولى إيصال المنافع إليهم، ودفع المضار عنهم. وقيل: وليهم ناصرهم على أعدائهم. وقيل: يتولاهم في الدنيا بالتوفيق، وفي الآخرة بالجزاء (بما كانوا يعملون) المراد جزاء بما كانوا يعملون من الطاعات، فحذف لظهور المعنى، فإن من المعلوم أن ما لا يكون طاعة من الأعمال، فلا ثواب عليه.