نجد، وخطأ الأولين. فاتفقوا على هذا الرأي، وأعدوا الرجال والسلاح، وجاء جبرائيل عليه السلام، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فخرج إلى الغار، وأمر عليا عليه السلام فبات على فراشه، فلما أصبحوا وفتشوا عن الفراش، وجدوا عليا. وقد رد الله مكرهم فقالوا: أين محمد؟ فقال: لا أدري. فاقتصوا أثره، وأرسلوا في طلبه، فلما بلغوا الجبل، ومروا بالغار، رأوا على بابه نسج العنكبوت، فقالوا: لو كان هاهنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه. فمكث فيه ثلاثا، ثم قدم المدينة.
المعنى: (وإذ يمكر بك الذين كفروا) أي: واذكر إذ يحتال الكفار في إبطال أمرك، ويدبرون في هلاكك، وهم مشركو العرب، منهم: عتبة وشيبة ابنا ربيعة، والنضر بن الحارث، وأبو جهل بن هشام، وأبو البختري بن هشام، وزمعة بن الأسود، وحكيم بن حزام، وأمية بن خلف، وغيره. (ليثبتوك) أي:
ليقيدوك ويثبتوك في الوثاق، عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة. وقيل:
ليثبتوك في الحبس. ويسجنوك في بيت، عن عطا، والسدي. وقيل معناه: ليثخنوك بالجراحة والضرب، عن أبان بن تغلب، والجبائي، وأبو حاتم، وأنشد:
فقلت: ويحك ماذا في صحيفتكم؟ قالوا: الخليفة أمسى مثبتا وجعا (أو يقتلوك أو يخرجوك) من مكة إلى طرف من أطراف الأرض. وقيل: أو يخرجوك على بعير، ويطردونه حتى يذهب في وجهه (ويمكرون ويمكر الله) أي:
ويدبرون في أمرك، ويدبر الله في أمرهم، عن أبي مسلم. وقيل: ويحتالون في أمرك من حيث لا تشعر، فأحل الله بهم ما أراد من عذابه من حيث لا يشعرون، عن الجبائي. وقيل: يمكرون، والله تعالى يجازيهم على مكرهم، كما قال سبحانه:
(وجزاء سيئة سيئة مثلها) (والله خير الماكرين) لأنه لا يمكر إلا ما هو حق وصواب، وهو إنزال المكروه بمن يستحقه. والعباد قد يمكرون مكرا هو ظلم وباطل، ومكرهم الذي هو عدل لا يبلغ في المنفعة للمؤمنين مبلغ مكر الله، فلذلك قال: (خير الماكرين) وقيل معناه: خير المجازين على المكر.
النظم: الآية اتصلت بقوله (واذكروا إذ أنتم قليل) فتقديره: واذكروا تلك الحال، واذكروا ما مكر الكفار بمكة، عن أبي مسلم وغيره. وقيل: إنها تتصل بما قبلها من قوله (إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا) يعني: يجعل لكم نجاة كما جعل