والجحد يتعدى بغير الجار والمجرور، لأن معناه هنا التكذيب أي: يكذبون بآيات الله.
وقال أبو علي: الباء تتعلق بالظالمين، والمعنى: ولكن الظالمين برد آيات الله، أو إنكار آيات الله يجحدون ما عرفوه من صدقك وأمانتك، ومثله قوله سبحانه:
(وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها) أي ظلموا بردها، أو الكفر بها، ثم زاد سبحانه في تسلية نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: (ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا) أي: صبروا على ما نالهم منهم من التكذيب والأذى في أداء الرسالة.
(حتى أتاهم): جاءهم. (نصرنا) إياهم على المكذبين. وهذا أ مر منه سبحانه، لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم بالصبر على كفار قومه، إلى أن يأتيه النصر، كما صبرت الأنبياء (ولا مبدل لكلمات الله) معناه: لا أحد يقدر على تكذيب خبر الله على الحقيقة، ولا على إخلاف وعده، وإن ما أخبر الله به أن يفعل بالكفار، فلا بد من كونه لا محالة، وما وعدك به من نصره، فلا بد من حصوله، لأنه لا يجوز الكذب في اخباره، ولا الخلف في وعده.
وقال الكلبي وعكرمة: يعني بكلمات الله: الآيات التي وعد فيها نصر الأنبياء، نحو قوله: (كتب الله لأغلبن انا ورسلي) وقوله: (إنهم لهم المنصورون). (ولقد جاءك من نبأ المرسلين) أي:. خبرهم في القران كيف أنجيناهم ونصرناهم على قومهم. قال الأخفش: (من) هاهنا صلة مزيدة، كما تقول: أصابنا من مطر أي:
مطر. وقال غيره من النحويين: لا يجوز ذلك، لأن (من) لا تزاد في الإيجاب، وإنما تزاد في النفي، و (من) هنا للتبعيض، وفاعل جاء مضمر، يدل المذكور عليه، وتقديره: ولقد جاءك من نبأ المرسلين نبأ، فيكون المعنى أنه أخبره عليه وآله السلام، ببعض أخبارهم، على حسب ما علم من المصالح، ويؤيد ذلك قوله:
(ومنهم من لم نقصص عليك).
وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بأية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين 35 إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون