قتال المسلمين، نعد بأن ننصرهم عليكم، ونأمرهم بقتالكم. (ولن تغني عنكم فئتكم شيئا) أي: ولن تدفع عنكم جماعتكم شيئا (ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين) بالنصر، والحفظ، يمكنهم منكم، وينصرهم عليكم، عن جماعة من المفسرين.
وقيل: معناه وإن تنتهوا أيها المسلمون عما كان منكم في الغنائم وفي الأسارى، من مخالفة الرسول، فهو خير لكم، وإن تعودوا إلى ذلك الصنيع نعد إلى الانكار عليكم، وترك نصرتكم، ولن يغني عنكم حينئذ جمعكم شيئا، إذ منعناكم النصر، عن عطا والجبائي.
ثم أمر سبحانه بالطاعة التي هي سبب النصرة فقال: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله) خص المؤمنين بطاعة الله ورسوله، وإن كانت واجبة على غيرهم أيضا، لأنه لم يعتد بغيرهم لإعراضهم عما وجب عليهم. ويجوز أن يكون إنما خصهم إجلالا لقدرهم، ويدخل غيرهم فيه على طريق التبع (ولا تولوا عنه) أي:
ولا تعرضوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. (وأنتم تسمعون) دعاءه لكم وأمره ونهيه إياكم، عن ابن عباس. وقيل معناه: وأنتم تسمعون الحجة الموجبة لطاعة الله، وطاعة الرسول، عن الحسن. (ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون) في الكلام حذف، ومعناه: ولا تكونوا كهم في قولهم هذا المنكر، فحذف المنهي عنه لدلالة الحال عليه، وفي ذلك غاية البلاغة. ومعنى قولهم (سمعنا وهم لا يسمعون) أنهم سمعوه سماع عالم قابل له، وليسوا كذلك. والسماع بمعنى القبول كما في قوله (سمع الله لمن حمده) وهؤلاء الكفار هم المنافقون، عن ابن إسحاق، ومقاتل، وابن جريج، والجبائي. وقيل: هم أهل الكتاب من اليهود، وقريظة، والنظير، عن ابن عباس، والحسن. وقيل: إنهم مشركو العرب، لأنهم قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا، عن ابن زيد.
إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون 22 ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون 23.
القراءة: الشر: إظهار السوء الذي يبلغ من صاحبه، وهو نقيض الخير.
وقيل: الشر: الضرر القبيح، والخير النفع الحسن. وقيل: الشر: الضرر الشديد،