الأعمال توليتنا بعض الظالمين بعضا، بأن نجعل بعضهم يتولى أمر بعض، للعقاب الذي يجري على الاستحقاق، عن علي بن عيسى. وقيل: معناه إنا كما وكلنا هؤلاء الظالمين من الجن والإنس، بعضهم إلى بعض، يوم القيامة، وتبرأنا منهم، فكذلك نكل الظالمين بعضهم إلى بعض، يوم القيامة، ونكل الأتباع إلى المتبوعين، ونقول للأتباع: قولوا للمتبوعين حتى يخلصوكم من العذاب، عن أبي علي الجبائي، قال: والغرض بذلك إعلامهم أنه ليس لهم يوم القيامة ولي يدفع عنهم شيئا من العذاب. وقال غيره: لما حكى الله تعالى ما يجري بين الجن والإنس من الخصام والجدال في الآخرة، قال: (وكذلك) أي: وكما فعلنا بهؤلاء من الجمع بينهم في النار، وتولية بعضهم بعضا، نفعل مثله بالظالمين جزاء على أعمالهم. وقال ابن عباس: إذا رضي الله عن قوم، ولى أمرهم خيارهم، وإذا سخط على قوم ولى أمرهم شرارهم) (بما كانوا يكسبون من المعاصي) أي: جزاء على أعمالهم القبيحة، وذلك معنى قوله: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
ومثله ما رواه الكلبي، عن مالك بن دينار، قال: (قرأت في بعض كتب الحكمة أن الله تعالى يقول: إني أنا الله مالك الملوك، قلوب الملوك بيدي، فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة، ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة، فلا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك، ولكن توبوا إلي أعطفهم عليكم). وقيل معنى قوله: (نولي بعضهم بعضا): نخلي بينهم وبين ما يختارونه من غير نصرة لهم. وقيل: معناه نتابع بعضهم بعضا في النار من الموالاة: التي هي المتابعة أي: يدخل بعضهم النار عقيب بعض، عن قتادة.
(يا معشر الجن والأنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين 130 ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون 131 ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون) 132.