خسيس، وأراد بقوله، (هذا الأدنى): هذا العاجل. وقيل: أراد عرض هذا العالم الأدنى، وهو الدار الفانية (ويقولون سيغفر لنا) وهذا إخبار عن حرصهم على الدنيا، وإصرارهم على الذنوب، إذا أشرف لهم شئ من الدنيا أخذوه، حلالا كان أو حراما، ويتمنون على الله المغفرة.
(وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه) أي: وإن وجدوا من الغد مثله أخذوه، وهذا دليل على إصرارهم، وأنهم تمنوا المغفرة مع الإصرار. وقيل معناه: وإن جاءهم حرام من الرشوة، وغيرها بعد ذلك، أخذوه واستحلوه، ولم يرتدعوا عنه، عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، ومجاهد. وقيل معناه: لا يشبعهم شئ عن الحسن (ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ألا يقولوا على الله إلا الحق) معناه: ألم يؤخذ على هؤلاء المرتشين في الأحكام، القائلين سيغفر لنا إذا عوتبوا على ذلك الميثاق في التوراة، أن لا يكذبوا على الله تعالى، ولا يضيفوا إليه إلا ما أنزله على رسوله موسى عليه السلام في التوراة من الوعد، والوعيد، وغير ذلك، وليس فيها ميعاد المغفرة مع الإصرار (ودرسوا ما فيه) أي: وقرأوا ما فيه فهم ذاكرون لذلك. وقيل: إنه معطوف على قوله (ورثوا الكتاب) والمعنى: فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب، ودرسوا ما فيه، فضيعوه، وتركوا العمل به. (والدار الآخرة خير للذين يتقون) معناه: ما أعده الله لأوليائه في الدار الآخرة من النعيم والثواب، للعاملين بطاعته، خير للذين يجتنبون معاصي الله (أفلا تعقلون) من قرأ بالياء، فمعناه: أفلا يعقل هذه الطائفة.
ومن قرأ بالتاء فمعناه: قل لهم أفلا تعقلون أن الأمر على ما أخبر الله به (والذين يمسكون بالكتاب) أي: يتمسكون به. والكتاب: التوراة، أي: لا يحرفونه، ولا يكتمونه، عن مجاهد، وابن زيد. وقيل: الكتاب القرآن، والمتمسك به أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، عن عطا (وأقاموا الصلاة): إنما خص الصلاة بالذكر لجلالة موقعها، أو شدة تأكدها (إنا لا نضيع أجر المصلحين) أي: لا نضيع جزاء عملهم، ونثيبهم على ما يستحقونه.
وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون 171.
اللغة: النتق: قلع الشئ من الأصل، وكل شئ قلعته، ثم رميت به، فقد