فيه على مقدار الطاقة، والقول بالحق، والصدق، والوفاء بالعهد (وصاكم) الله سبحانه (به لعلكم تذكرون) أي: لكي تتذكروه وتأخذوا به، فلا تطرحوه، ولا تغفلوا عنه فتتركوا العمل به، والقيام بما يلزمكم منه.
(وان هذا صراطي) أي: ولأن هذا صراطي، ومن خفف فتقديره ولأنه هذا صراطي، ومن كسر إن فإنه استأنف. قال ابن عباس: يريد إن هذا ديني دين الحنيفية، أقوم الأديان، وأحسنها. وقيل: يريد إن ما ذكر في هذه الآيات من الواجب والمحرم صراطي، لأن امتثال ذلك على ما أمر به، يؤدي إلى الثواب والجنة، فهو طريق إليها وإلى النعيم فيها (مستقيما) أي: فيما لا عوج فيه، ولا تناقض، وهو منصوب على الحال (فاتبعوه) أي: اقتدوا به، واعملوا به، واعتقدوا صحته، وأحلوا حلاله، وحرموا حرامه (ولا تتبعوا السبل) أي: طرق الكفر، والبدع، والشبهات، عن مجاهد. وقيل: يريد اليهودية، والنصرانية، والمجوسية، وعبادة الأوثان، عن ابن عباس.
(فتفرق) وأصله فتتفرق (بكم عن سبيله) أي: فتشتت، وتميل، وتخالف بكم عن دينه الذي ارتضى، وبه أوصى. وقيل: عن طريق الدين (ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) أي: لكي تتقوا عقابه باجتناب معاصيه.
قال ابن عباس: هذه الآيات محكمات لم ينسخهن شئ من جميع الكتب، وهي محرمات على بني آدم كلهم، وهم أم الكتاب، من عمل بهن دخل الجنة، ومن تركهن دخل النار، وقال كعب الأحبار: والذي نفس كعب بيده إن هذا لأول شئ في التوراة، (بسم الله الرحمن الرحيم: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم) الآيات.
ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكل شئ وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون 154 وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون 155.
القراءة: في الشواذ قراءة يحيى بن يعمر (على الذي أحسن) بالرفع.