أحوال الشدة ترق القلوب، وترغب فيما عند الله، ألا ترى إلى قوله: (وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض). وقيل: معناه: لكي تتذكروا أن فرعون لو كان إلاها، لما كان يستسلم لذلك الضر.
وفي هذه الآية دلالة على بطلان مذهب المجبرة، وفي أنه سبحانه يريد الكفر، فإنه بين أنه أراد منهم التذكر والرجوع إلى الله.
(فإذا جاءتهم الحسنة) يعني: الخصب، والنعمة، والسعة في الرزق، والسلامة والعافية (قالوا لنا هذه) أي: إنا نستحق ذلك على العادة الجارية لنا من نعمنا، وسعة أرزاقنا في بلادنا، ولم يعلموا أنه من عند الله سبحانه فيشكروه عليه، ويؤدوا شكر النعمة فيه (وإن تصبهم سيئة) أي: جوع، وبلاء، وقحط المطر، وضيق الرزق، وهلاك الثمر، والمواشي، (يطيروا بموسى ومن معه) أي:
يتطيروا، فأدغمت التاء في الطاء، وتفسيره: يتشاءموا بهم، عن الحسن، ومجاهد، وابن زيد، وقالوا: ما رأينا شرا ولا أصابنا بلاء حتى رأيناكم (ألا إنما طائرهم عند الله) معناه إلا إنما الشؤم الذي يلحقهم، هو الذي وعدوا به من العقاب عند الله، يفعل بهم في الآخرة، لا ما ينالهم في الدنيا، عن الزجاج. وقيل: إن معناه إن الله تعالى هو الذي يأتي بطائر البركة، وطائر الشؤم، من الخير والشر، والنفع والضر، فلو عقلوا لطلبوا الخير والسلامة من الشر من قبله. وقال الحسن:
معناه ألا إن ما تشاءموا به محفوظ عليهم، حتى يجازيهم الله يوم القيامة. (ولكن أكثرهم لا يعلمون) ولا يتفكرون ليعلموا.
وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين 132 فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين 133.
القراءة: في الشواذ قراءة الحسن: (القمل) بفتح القاف، وسكون الميم، وهو المعروف.
اللغة: الطوفان: السيل الذي يعم بتغريقه الأرض، وهو مأخوذ من الطوف