الحجة عليهم (إلا أخذنا أهلها) يعني: أهل تلك القرية (بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون) أي: ليتنبهوا ويعلموا أنه مقدمة العذاب، ويتضرعوا ويتوبوا عن شركهم، ومخالفتهم، ويعني بالبأساء: ما نالهم من الشدة في أنفسهم، والضراء: ما نالهم في أموالهم. وقيل: إن البأساء: الجوع، والضراء: الأمراض والشدائد، عن الحسن. وقيل: إن البأساء: الجوع، والضراء: الفقر، عن السدي.
(ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة) أي: رفعنا السيئة، ووضعنا الحسنة مكانها، والسيئة: الشدة، والحسنة: الرخاء، عن ابن عباس، والحسن، وقتادة، ومجاهد. وسميت سيئة لأنها تسوء صاحبها. قال الجبائي: جرى في هذا الموضع على سبيل التوسع والمجاز.
(حتى عفوا) أي: كثروا، عن ابن عباس، ومجاهد، والسدي. وقيل:
سمنوا، عن الحسن. وقيل: أعرضوا عن الشكر، عن أبي مسلم (وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء) أي: قال بعضهم لبعض: هكذا عادة الدهر فكونوا على ما أنتم عليه، كما كان آباؤكم كذلك، فلم ينتقلوا عن حالهم فتنتقلوا.
(فأخذناهم بغتة) أي: فجأة، عبرة لمن بعدهم (وهم لا يشعرون) أي: لم يعلموا أن العذاب نازل بهم، إلا بعد حلوله. وحقيقة المعنى في الآية: إنه سبحانه يدبر خلقه الذين يعصونه، بأن يأخذهم تارة بالشدة، وتارة بالرخاء، فإذا أفسدوا على الأمرين جميعا، أخذهم فجأة، ليكون ذلك أعظم في الحسرة، وأبلغ في العقوبة، نعوذ بالله من سخطه!.
ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون 96 أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون 97 أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون 98 أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون 99.