إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم 49 ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق 50 ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد 51.
القراءة: قرأ ابن عامر وحده: (إذ تتوفى) بتاءين. والباقون: (يتوفى) بالياء والتاء.
الحجة: من قرأ بالتاء فلاسناد الفعل إلى الملائكة. ومن قرأ بالياء فلأن التأنيث غير حقيقي.
الاعراب: العامل في (إذ) يجوز أن يكون الابتداء، والتقدير: ذلك إذ يقول. ويجوز أن يكون التقدير أذكر إذ يقول، وجواب (لو) محذوف، وتقديره لرأيت منظرا عظيما، أو أمرا عجيبا. وحذف الجواب هنا أوجز وأبلغ، فإن ذكره يخص وجها واحدا، ومع الحذف الاحتمال لوجوه كثيرة، وموضع (بما قدمت أيديكم) يحتمل وجهين من الإعراب أحدهما: الرفع بكونه خبر ذلك والثاني:
النصب بأن يكون متصلا بمحذوف، وتقديره ذلك جزاؤكم بما قدمت أيديكم، وأن الله ليس بظلام للعبيد، ويحتمل أن يكون محله نصبا بتقدير، وبأن الله، أو جرا على الخلاف فيه، ويحتمل أن يكون محله رفعا بتقدير وذلك أن الله كما تقول ذلك.
المعنى: (إذ يقول المنافقون) هذا يتعلق بما قبله معناه: وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم إذ يقول المنافقون، فلذلك حذف الواو وهم الذين يبطنون الكفر، ويظهرون الإيمان. (والذين في قلوبهم مرض) وهم الشاكون في الاسلام مع إظهارهم كلمة الإيمان. وقيل: إنهم فتية من قريش أسلموا بمكة، واحتبسهم آباؤهم، فخرجوا مع قريش يوم بدر، وهم: قيس بن الوليد بن المغيرة، وعلي بن أمية بن خلف، والعاص بن منبه بن الحجاج، والحارث بن زمعة، وأبو قيس بن الفاكهة بن المغيرة، لما رأوا قلة المسلمين قالوا (غر هؤلاء دينهم) أي: غر المسلمون دينهم حتى خرجوا مع قلتهم لأجل دينهم إلى قتال المشركين مع كثرتهم،