(وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا) أي: هدانا للعمل الذي استوجبنا به هذا الثواب بأن دلنا عليه، وعرضنا له بتكليفه إيانا. وقيل: معناه هدانا لثبوت الإيمان في قلوبنا، وقيل: لنزع الغل من صدورنا. وقيل: هدانا لمجاوزة الصراط، ودخول الجنة (وما كنا لنهتدي) لما يصيرنا إلى هذا النعيم المقيم، والثواب العظيم.
(لولا أن هدانا الله) هذا اعتراف من أهل الجنة بنعمة الله سبحانه إليهم، ومنته عليهم في دخول الجنة، على سبيل الشكر والتلذذ بذلك، لأنه لا تكليف هناك (لقد جاءت رسل ربنا بالحق) وهذا إقرار منهم بأن ما جاءت به الرسل إليهم من جهة الله تعالى، فهو حق لا شبهة في صحته (ونودوا) أي: ويناديهم مناد من جهة الله تعالى. ويجوز أن يكون ذلك خطابا منه سبحانه لهم (أن تلكم الجنة) أي: هذه الجنة. وإنما قال (تلكم) لأنهم وعدوا بها في الدنيا، فكأنه قيل لهم: هذه تلكم التي وعدتم بها. ويجوز أن يكونوا عاينوها، فيقال لهم قبل أن يدخلوها، إشارة إليها تلكم الجنة.
(أورثتموها) أي: أعطيتموها إرثا، وصارت إليكم كما يصير الميراث لأهله.
وقيل: معناه جعلها الله سبحانه بدلا لكم، كما كان أعده للكفار لو آمنوا. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (ما من أحد إلا وله منزل في الجنة، ومنزل في النار، فأما الكافر فيرث المؤمن منزله من النار، والمؤمن يرث الكافر منزله من الجنة فلذلك قوله أورثتموها) (بما كنتم تعملون) أي: توحدون الله، وتقومون بفرائضه.
ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين 44 الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالأخرة كافرون 45.
القراءة: قال الكسائي وحده (نعم) بكسر العين كل القرآن. والباقون بالفتح. وقرأ أهل المدينة والبصرة (1): (أن) مخففة (لعنة الله) بالرفع. والباقون:
(أن) مشددة (لعنة الله) بالنصب.