تخافن من قوم خيانة) معناه: وإن خفت يا محمد من قوم بينك وبينهم عهد خيانة فيه، لأن الخيانة إنما تكون بعد تقدم العهد، ولم يظهر منهم نقض العهد بعد (فانبذ إليهم على سواء) أي: فالق إليهم ما بينك وبينهم من العهد، وأعلمهم بأنك قد نقضت ما شرطت لهم، لتكون أنت وهم في العلم بالنقض على استواء، ولا تبدأهم بالقتال من قبل أن تعلمهم بنقض العهد حتى لا ينسبوك إلى الغدر بهم، فهذا معنى قوله على سواء.
وقيل: معنى قوله (على سواء) على عدل أي: إن كان بينك وبينهم عهد بغير مال، فأعلمهم بأنك قد نقضت عهدهم، وإن كان العهد على مال، فرد المال عليهم، ثم انقض العهد (إن الله لا يحب الخائنين) أي: بنقضهم معناه فلا تخنهم بأن تبدأهم بالقتال من غير إعلامهم بنقض العهد. قال الواقدي: هذه الآية نزلت في بني قينقاع وبهذه الآية سار النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليهم.
ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون 59 وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شئ في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون 60 وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم 61.
القراءة: قرأ ابن عامر، وأبو جعفر، وحمزة، وحفص: (ولا يحسبن) بالياء. والباقون بالتاء. وقرأ ابن عامر: (أنهم لا يعجزون) بالفتح. والباقون:
(إنهم) بالكسر. وقرأ رويس عن يعقوب (ترهبون) بالتشديد. والباقون (ترهبون) بالتخفيف. وقرأ أبو بكر: (للسلم) بكسر السين. والباقون: بفتح السين.
الحجة: من قرأ (لا تحسبن) بالتاء، (فالذين كفروا) المفعول الأول، و (سبقوا): جملة في موضع نصب بكونها المفعول الثاني. ومن قرأ (يحسبن) بالياء: فلا يخلو من أن يكون جعل (الذين كفروا) الفاعل، وهذا لا يجوز لأن (يحسبن) لا بد له من مفعولين، ولكنه محمول على أحد ثلاثة أشياء: إما أن يكون