يصلح أن يستعمل في قتل الكافر، ولا يجب من ذلك أن تكون الصفتان واحدة من أجل أنه واحد، فلا يمتنع أن يكون متى استعملت آلة الإيمان في الضلال والكفر، تسمى إغواء، وإن استعمل في الإيمان سميت هداية، وإن كان ما يصح به الإيمان هو بعينه ما يصح به الكفر، والضلال.
(ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم) قيل في ذلك أقوال أحدها: إن المعنى من قبل دنياهم وآخرتهم، ومن جهة حسناتهم وسيئاتهم، عن ابن عباس، وقتادة، والسدي، وابن جريج، وتلخيصه: إني أزين لهم الدنيا، وأخوفهم بالفقر، وأقول لهم: لا جنة، ولا نار، ولا بعث، ولا حساب، وأثبطهم عن الحسنات، وأشغلهم عنها، وأحبب إليهم السيئات، وأحثهم عليها، قال ابن عباس: وإنما لم يقل ومن فوقهم، لأن فوقهم جهة نزول الرحمة من السماء، فلا سبيل له إلى ذلك، ولم يقل من تحت أرجلهم، لأن الإتيان منه موحش وثانيها: إن معنى (من بين أيديهم) (وعن أيمانهم): من حيث يبصرون (ومن خلفهم) (وعن شمائلهم): من حيث لا يبصرون عن مجاهد. وثالثها: ما روي عن أبي جعفر عليه السلام قال: (ثم لآتينهم من بين أيديهم) معناه: أهون عليهم أمر الآخرة، (ومن خلفهم). آمرهم بجمع الأموال، والبخل بها عن الحقوق، لتبقى لورثتهم، (وعن أيمانهم) أفسد عليهم أمر دينهم بتزيين الضلالة، وتحسين الشبهة، (وعن شمائلهم) بتحبيب اللذات إليهم، وتغليب الشهوات على قلوبهم، وإنما دخلت (من) في القدام والخلف، و (عن) في اليمين والشمال، لأن في القدام والخلف معنى طلب النهاية، وفي اليمين والشمال الانحراف عن الجهة.
(ولا تجد أكثرهم شاكرين) هذا أخبار من إبليس، أن الله تعالى لا يجد أكثر خلقه شاكرين. وقيل: إنه يمكن أن يكون قد قال ذلك من أحد وجهين: إما من جهة الملائكة، بإخبار الله تعالى إياهم، وإما عن ظن منه، كما قال سبحانه: (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه) فإنه لما استنزل آدم ظن أن ذريته أيضا سيجيبونه لكونهم أضعف منه، والقول الأول: اختيار الجبائي، والثاني: عن الحسن، وأبي مسلم.
(قال اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين 18 ويا أدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من