الكفر بذكر عقابه، وذم فاعليه على فعله، ولم يرد سبحانه بذلك أنه زين عمل الكافرين، لأن ذلك يقتضي الدعاء إليه، والله تعالى ما دعا أحدا إلى معصيته، لكنه نهى عنها وذم فاعليها، وقد قال سبحانه (وزين لهم الشيطان أعمالهم) ولا خلاف أن المراد بذلك الكفر والمعاصي، وفي ذلك دلالة على أن المراد به في الآية تزيين أعمال الطاعة.
(ثم إلى ربهم مرجعهم) أي: مصيرهم (فينبئهم بما كانوا يعملون) أي:
بأعمالهم من الخير والشر.
نهى الله سبحانه في هذه الآية عن سب الأصنام لئلا يؤدي ذلك إلى سبه، فإذا كان سبحانه لا يريد ما ربما يكون سببا إلى سبه، فلأن لا يريد سب نفسه أولى وأجدر، وأيضا إذا لم يرد سب الأصنام إذا كان زيادة في كفر الكافرين، فلأن لا يريد كفرهم أحرى، فبطل قول المجبرة.
وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جائتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون 109 ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون 110.
القراءة: قرأ ابن كثير، وأهل البصرة، وأبو بكر، عن عاصم، ونصير، عن الكسائي، وخلف، (إنها) بكسر الألف. وقرأ الباقون: (أنها) بفتح الألف.
وقرأ ابن عامر، وحمزة: (لا تؤمنون) بالتاء، والباقون: (لا يؤمنون) بالياء. وفي الشواذ: (ويذرهم) بالياء، والجزم، قراءة الأعمش.
الحجة: قال أبو علي: وما يشعركم ما فيه استفهام، وفاعل (يشعركم) ضمير (ما) ولا يجوز أن يكون نفيا، لأن الفعل فيه يبقى بلا فاعل، فإن قلت: يكون (ما) نفيا، ويكون فاعل (يشعركم) ضمير اسم الله تعالى، قيل: ذلك لا يصح، لأن التقدير يصير: وما يشعركم الله انتفاء إيمانهم، وهذا لا يستقيم، لأن الله قد أعلمنا أنهم لا يؤمنون بقوله (ولو أننا نزلنا) الآية. وإذا فسد أن يكون (ما) للنفي، ثبت أنها للاستفهام، فيكون اسما، فيصير في الفعل ضميره، ويكون المعنى: وما يدريكم إيمانهم، إذا جاءت فحذف المفعول، وحذف المفعول كثير. ثم قال إنهم