زمن الأنبياء، بأن يكشف الله أجسادهم على الأنبياء، كما يجوز أن يرى الناس الملائكة في زمن الأنبياء (إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون) أي: حكمنا بذلك، لأنهم يتناصرون على الباطل، كما قال: (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا) أي: حكموا بذلك حكما باطلا. وإنما خص (الذين لا يؤمنون) تنبيها على أنهم مع اجتهادهم لا يتمكنون من خيار المؤمنين المتيقظين منهم، وإنما يتمكنون من الكفرة، والجهال، والفسقة الأغفال.
(وإذا فعلوا فاحشة) كنى به عن المشركين الذين كانوا يبدون سوآتهم في طوافهم، فكان يطوف الرجال والنساء عراة، يقولون: نطوف كما ولدتنا أمهاتنا، ولا نطوف في الثياب التي قارفنا فيها الذنوب، وهم الحمس (1).
قال الفراء: كانوا يعملون شيئا من سيور مقطعة، يشدونهم على حقويهم، يسمى حوفا، وإن عمل من صوف يسمى رهطا، وكانت تضع المرأة على قبلها النسعة فتقول:
اليوم يبدو بعضه، أو كله، وما بدا منه فلا أحله يعني الفرج، لأن ذلك يستر سترا تاما، وفي الآية حذف تقديره: وإذا فعلوا فاحشة فنهوا عنها (قالوا وجدنا عليها آباءنا) قيل: ومن أين أخذها آباؤكم، قالوا:
(والله أمرنا بها) أخبر سبحانه عن هؤلاء الكفار، أنهم إذا فعلوا ما يعظم قبحه، اعتذروا لنفوسهم: إنا وجدنا آباءنا يفعلونها، وإن آباءهم فعلوا ذلك من قبل الله.
وقال الحسن: إنهم كانوا أهل إجبار، فقالوا: لو كره الله ما نحن عليه، لنقلنا عنه، فلهذا قالوا: (والله أمرنا بها) فرد الله سبحانه عليهم قولهم، بأن قال:
(إن الله لا يأمر بالفحشاء)، ثم أنكر عليهم من وجه آخر، فقال: (أتقولون على الله ما لا تعلمون) لأنهم إن قالوا: لا، لنقضوا مذهبهم، وإن قالوا: نعم، افتضحوا في قولهم. قال الزجاج: (أتقولون على الله) معناه: أتكذبون عليه.
قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه