القيامة (إنا كنا عن هذا غافلين) لم نتنبه عليه، ولم تقم لنا حجة به، ولم تكمل عقولنا فنفكر فيه (أو تقولوا) أي: أو يقول قوم منهم: (إنما أشرك آباؤنا من قبل) حين بلغوا وعقلوا (وكنا ذرية من بعدهم) أي: أطفالا لا نعقل، ولا نصلح للفكرة والنظر والتدبر، وعلى التأويل الأخير فمعناه: إني إنما قررتكم بهذا، لتواظبوا على طاعتي، وتشكروا نعمتي، ولا تقولوا يوم القيامة إنا كنا غافلين عما أخذ الله من الميثاق على لسان الأنبياء، وتقولوا (إنما أشرك آباؤنا من قبل) فنشؤنا على شركهم احتجاجا بالتقليد، وتعويلا عليه أي: فقد قطعت حجتكم هذه بما قررتكم به من معرفتي، وأشهدتكم على أنفسكم بإقراركم بمعرفتكم إياي (أفتهلكنا بما فعل المبطلون) ومعناه: ولأن لا تقولوا أفتهلكنا لما فعل آباؤنا من الشرك؟ وتقديره: إنا لا نهلككم بما فعلوه، وإنما نهلككم بفعلكم أنتم (وكذلك نفصل الآيات) معناه: إنا كما بينا لكم هذه الآيات، كذلك نفصلها للعباد، ونبينها لهم، وتفصيل الآيات:
تمييزها، ليتمكن من الاستدلال بكل واحدة منها (ولعلهم يرجعون) أي: ليرجعوا إلى الحق من الباطل.
واتل عليهم نبأ الذي اتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين 175 ولو شئنا لرفعنا بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون 176 ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون 177 من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون 178.
اللغة: النبأ: الخبر عن الأمر العظيم، ومنه اشتقاق النبوة، نبأه الله: أي جعله نبيا. وأخلد إلى كذا، وخلد إليه، سكن إليه، وأخلد: أكثر، وأصله اللزوم على الدوام. ورجل مخلد: إذا أبطأ عنه الشيب. وأخلد إلى الأرض: لصق بها.
قال مالك بن نويرة.
بأنباء حق من قبائل مالك، وعمرو بن يربوع، أقاموا فأخلدوا