إن غاب عنه سيده، فقام موليا ذليلا، فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة، فقتله.
ولقد تركه ابناه ليلتين أو ثلاثا ما يدفنانه حتى أنتن في بيته، وكانت قريش تتقي العدسة كما يتقي الناس الطاعون، حتى قال لهما رجل من قريش: ويحكما ألا تستحيان إن أباكما قد أنتن في بيته لا تغيبانه؟! فقالا: إنا نخشى هذه القرحة. قال:
فانطلقا فأنا معكما، فما غسلوه إلا قذفا بالماء عليه من بعيد ما يمسونه، ثم احتملوه فدفنوه بأعلى مكة إلى جدار، وقذفوا عليه بالحجارة، حتى واروه.
وروى مقسم، عن ابن عباس قال: كان الذي أسر العباس أبا اليسر كعب بن عمرو، أخا بني سلمة، وكان أبو اليسر رجلا مجموعا، وكان العباس رجلا جسيما، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي اليسر: كيف أسرت العباس يا أبا اليسر؟ فقال: يا رسول الله لقد أعانني عليه رجل ما رأيته قبل ذلك، ولا بعده، هيأته كذا وكذا، فقال صلى الله عليه وآله وسلم، لقد أعانك عليه ملك كريم.
يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار 15 ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير 16 فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلى المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم 17.
اللغة: اللقاء: الاجتماع على وجه المقاربة، لأن الاجتماع قد يكون على غير وجه المقاربة، فلا يكون لقاء كاجتماع الأعراض في المحل الواحد. والزحف:
الدنو قليلا قليلا. والتزاحف.: التداني يقال: زحف، يزحف، زحفا، وأزحفت للقوم: إذا دنوت لقتالهم، وثبت لهم. قال الليث، الزحف جماعة يزحفون إلى عدو لهم بمرة، وجمعه زحوف. والتولية: جعل الشئ يلي غيره، يقال: ولاه دبره: إذا جعله يليه، فهو يتعدى إلى مفعولين، ومنه ولاه البلد: من ولاية الإمارة. وتولى هو: إذا قبل الولاية. وأولاه نعمة لأنه جعلها تليه. والتحرف: الزوال عن جهة