تأتيهم من آية) أي: لا تأتيهم حجة (من آيات ربهم) أي من حججه وبيناته كانشقاق القمر وآيات القرآن، وغير ذلك من المعجزات (إلا كانوا عنها معرضين): لا يقبلونها، ولا يستدلون بها على ما دلهم الله عليه من توحيده، وصدق رسوله (فقد كذبوا بالحق لما جاءهم) أي: بالحق الذي أتاهم به محمد صلى الله عليه وآله. وسلم من القرآن، وسائر أمور الدين (فسوف يأتيهم أنباء) أي أخبار (ما كانوا به يستهزئون) والمعنى: أخبار استهزائهم، وجزاؤه وهو عقاب الآخرة. وقيل: معناه سيعلمون ما يؤول إليه استهزاؤهم، عن ابن عباس، والحسن، وبه قال الزجاج. ومعنى الاستهزاء: إيهام التفخيم في معنى التحقير.
ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين 6 اللغة: القرن: أهل كل عصر، مأخوذ من إقرانهم في العصر. قال الزجاج:
والقرن ثمانون سنة، وقيل: سبعون سنة، قال: والذي يقع عندي ان القرن أهل كل مدة كان فيها نبي، أو كان فيها طبقة من أهل العلم، قلت السنون أو كثرت، والدليل عليه قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: خيركم قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) " والتمكين: إعطاء ما به يصح الفعل كائنا ما كان من آلة وغيرها والإقدار: إعطاء القدرة خاصة. ومفعال من أسماء المبالغة يقال: ديمة (1) مدرار إذا كان مطرها غزيرا دارا، وهذا كقولهم امرأة مذكار إذا كانت كثيرة الولادة للذكور، وكذلك مئناث في الإناث، وأصل المدرار: من در اللبن إذا أقبل على الحالب منه شئ كثير، ودرت السماء إذا أمطرت. والدر: اللبن. ويقال: لله دره أي: عمله، وفي الذم: لا در دره أي: لا كثر خيره.
الاعراب: (كم) نصب (بأهلكنا) لا بقوله (يروا) لأن الاستفهام له صدر الكلام، فلا يعمل فيه ما قبله، وهو تعليق. ومعنى التعليق أن الاستفهام أبطل عمل