(إن الله قادر على أن ينزل آية) أي: آية تجمعهم على هدى، عن الزجاج، وقيل:
آية كما يسألونها.
(ولكن أكثرهم لا يعلمون) ما في إنزالها من وجوب الاستئصال لهم إذا لم يؤمنوا عند نزولها، وما في الاقتصار بهم على ما أوتوه من الآيات من المصلحة.
وقيل: معناه ولكن أكثرهم لا يعلمون أن فيما أنزلنا من الآيات مقنعا وكفاية لمن نظر وتدبر.
وقد اعترضت الملحدة على المسلمين بهذه الآية فقالوا: إنها تدل على أن الله تعالى لم ينزل على محمد آية، إذ لو نزلها لذكرها عند سؤال المشركين إياها! فيقال لهم: قد بينا أنهم التمسوا آية مخصوصة، وتلك لم يؤتوها، لأن المصلحة منعت عن ايتائها، وقد أنزل الآيات الدالة على نبوته من القرآن، وآتاهم من المعجزات الباهرة التي شاهدوها، ما لو نظروا فيها، أو في بعضها، حق النظر، لعرفوا صدقه، وصحة نبوته وقد بين في آية أخرى، أنه لو أنزل عليهم ما التمسوه، لم يؤمنوا فقال: (ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة) إلى قوله: (ما كانوا ليؤمنوا)، وفي موضع آخر (وقالوا لولا أنزل عليه آية من ربه قل إنما الآيات عند الله) يعني في قدرة الله، ينزل منها ما يشاء، ويسقط ما اعترضوا به.
وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شئ ثم إلى ربهم يحشرون 38 والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشاء الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم 39.
اللغة: الدابة: كل ما يدب من الحيوان، وأصله الصفة من دب يدب دبيبا إذا مشى مشيا فيه تقارب خطو. والدبوب والديبوب: النمام. وفي الحديث: (لا يدخل الجنة ديبوب، ولا قلاع)، فالديبوب: النمام لأنه يدب بالنميمة والقلاع: الواشي بالرجل ليقتلعه. قال الأزهري: تصغير الدابة دويبة، الباء مخففة، وفيها إشمام الكسر. وفي الحديث: " أيتكن صاحبة الجمل الأدبب تنبحها كلاب الحوأب " (1)