المعنى: ثم أمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول لهؤلاء الكفار الذين مضى ذكرهم (أفغير الله أبتغي حكما) أي: أطلب سوى الله حاكما، والحكم والحاكم بمعنى واحد، إلا أن الحكم أمدح، لأن معناه من يستحق أن يتحاكم إليه، فهو لا يقضي إلا بالحق، وقد يحكم الحاكم بغير حق، والمعنى: هل يجوز لأحد أن يعدل عن حكم الله رغبة عنه، أو هل يجوز أن يكون حكم سوى الله يساويه في حكمه؟
(وهو الذي) يعني: والله الذي (أنزل إليكم الكتاب) أي: القرآن (مفصلا) فصل فيه جميع ما يحتاج إليه، وقيل: فصل فيه بين الصادق والكاذب في الدين.
وقيل: فصل بين الحلال والحرام، والكفر والإيمان، عن الحسن. ومعنى التفصيل: تبيين المعاني بما ينفي التخليط المعمي للمعنى، وينفي أيضا التداخل الذي يوجب نقصان البيان عن المراد.
(والذين آتيناهم الكتاب) يعني بهم مؤمني أهل الكتاب. والكتاب هو التوراة والإنجيل، وقيل: يعني بهم كبراء الصحابة، وأصحاب بدر، والكتاب: هو القرآن، عن عطا (يعلمون أنه) أي أن القرآن (منزل من ربك بالحق) يعني بيان الحق أي: يعلمون أن كل ما فيه بيان عن الشئ على ما هو به، فترغيبه وترهيبه، ووعده ووعيده، وقصصه وأمثاله، وغير ذلك، جميعه بهذه الصفة. وقيل: إن معنى (بالحق): بالبرهان الذي تقدم لهم حتى علموه به (فلا تكونن من الممترين) أي:
من الشاكين في ذلك، والخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، والمراد به الأمة، وقيل: الخطاب لغيره أي: فلا تكن أيها الانسان، أو أيها السامع. وقيل: الخطاب له صلى الله عليه وآله وسلم، والمراد به الزيادة في شرح صدره ويقينه، وطمأنينة قلبه وتسكينه، كقوله تعالى:
(فلا يكن في صدرك حرج منه) عن أبي مسلم.
وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم 115.
القراءة: (كلمة ربك) بالتوحيد عراقي، غير أبي عمرو. والباقون: (كلمات ربك) الحجة: من قرأ (كلمة ربك) قال: قد وقع المفرد على الكثرة، فلذلك أغنى