وللطاعات، فإنه سبحانه قد صرح فيها بأن اكتساب الخيرات، غير الإيمان المجرد، لعطفه سبحانه كسب الخيرات، وهي الطاعات في الإيمان، على فعل الإيمان، فكأنه قال: لا ينفع نفسا لم تؤمن قبل ذلك اليوم، إيمانها ذلك اليوم، وكذا لا ينفع نفسا لم تكن كاسبة خيرا في إيمانها قبل ذلك كسبها الخيرات ذلك اليوم.
وقد عكس الحاكم أبو سعيد في تفسيره الأمر فيه، فقال: هو خلاف ما يقوله المرجئة، لأنه يدل على أن الإيمان بمجرده لا ينفع حتى يكون معه اكتساب الخيرات، وليت شعري كيف تدل الآية على ما قاله؟ وكيف حكم لنفسه على خصمه فيما الحكم فيه لخصمه عليه؟ وهل هذا إلا عدول عن سنن العدل والإنصاف؟.
إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم يما كانوا يفعلون 159.
القراءة: قرأ حمزة، والكسائي، هاهنا، وفي الروم: (فارقوا) بالألف، وهو المروي عن علي عليه السلام. والباقون: (فرقوا) بالتشديد.
الحجة: قال أبو علي: من قرأ (فرقوا) فتقديره يؤمنون ببعض، ويكفرون ببعض، كما قال: (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض) وقال: ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسوله، ويقولون نؤمن ببعض، ونكفر ببعض. ومن قرأ (فارقوا دينهم) فالمعنى: باينوه وخرجوا عنه، وهو يؤول إلى معنى (فرقوا) ألا ترى أنهم لما آمنوا ببعضه، وكفروا ببعضه، فارقوه كله، فخرجوا عنه، ولم يتبعوه؟.
اللغة: الشيع: الفرق التي يمالئ بعضهم بعضا على أمر واحد، مع اختلافهم في غيره. وقيل: إن أصله من الظهور، يقال: شاع الخبر، يشيع، شيوعا: ظهر.
وشيعت النار إذا ألقيت عليها الحطب، فكأنك تظهرها. وقال الزجاج: أصله الاتباع، يقال: شاعكم السلام، وأشاعكم السلام أي: تبعكم السلام، قال:
ألا يا نخلة من ذات عرق برود الظل، شاعكم السلام (1) ويقول: آتيك غدا، أو شيعه، أي: أو اليوم الذي يتبعه، فمعنى الشيعة: