بقلبه، بالموت، فلا يمكنه استدراك ما فات، فبادروا إلى الطاعات قبل الحيلولة، ودعوا التسويف، عن الجبائي، قال: وفيه حث على الطاعة قبل حلول المانع.
وقيل معناه: إنه سبحانه أقرب إليه من قلبه. وهو نظير قوله: (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) فإن الحائل بين الشئ وغيره، أقرب إلى ذلك الشئ من ذلك الغير، عن الحسن وقتادة قالا: وفيه تحذير شديد. وقيل معناه: إنه سبحانه يملك تقليب القلوب من حال إلى حال، كما جاء في الدعاء: (يا مقلب القلوب والأبصار) فكأنهم خافوا من الفتال، فأعلمهم سبحانه أنه يبدل خوفهم أمنا، بأن يحول بينهم وبين ما يتفكرون فيه من أسباب الخوف.
وروى يونس بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنه يحول بين المرء وقلبه معناه: لا يستيقن القلب أن الحق باطل أبدا، ولا يستيقن القلب أن الباطل حق أبدا.
وروى هشام بن سالم عنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: معناه يحوك بينه وبين أن يعلم أن الباطل حق، أوردهما العياشي في تفسيره. وقال محمد بن إسحاق: معناه لا يستطيع القلب أن يكتم الله شيئا، وهذا في معنى قول الحسن. (وأنه إليه تحشرون) معناه: واعلموا أنكم تحشرون أي: تجمعون للجزاء على أعمالكم يوم القيامة، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) حذرهم الله تعالى من هذه الفتنة، وأمرهم أن يتقوها، فكأنه قال: اتقوا فتنة لا تقربوها فتصيبنكم، لأن قوله (لا تصيبن): نهي مسوق على الأمر، ولفظ النهي واقع على الفتنة، وهو في المعنى للمأمورين بالاتقاء كقوله (ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) أي: إحذروا أن يدرككم الموت، قبل أن تسلموا. واختلف في معنى الفتنة هاهنا، فقيل: هي العذاب، أمر الله المؤمنين أن لا يقربوا المنكر بين أظهرهم فيعمهم الله بالعذاب، والخطاب لأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم خاصة عن ابن عباس، والجبائي.
وقيل: هي البلية التي يظهر باطن أمر الانسان فيها، عن الحسن، قال:
ونزلت في علي، وعمار، وطلحة، والزبير، وقد قال الزبير: لقد قرأنا هذه الآية زمانا وما أرانا من أهلها، فإذا نحن المعنيون بها فخالفنا حتى أصابتنا خاصة. وقيل:
نزلت في أهل بدر خاصة، فأصابتهم يوم الجمل، فاقتتلوا، عن السدي. وقيل:
هي الضلالة وافتراق الكلمة، ومخالفة بعضهم بعضا، عن ابن زيد. وقيل: هي الهرج الذي يركب الناس فيه بالظلم، ويدخل ضرره على كل أحد.