الله، لأن فعلهم ذلك كان صدا عن دين الله، وإن لم يقصدوا ذلك (فسينفقونها) معناه: فسيقع منهم الانفاق لها (ثم تكون عليهم حسرة) معناه: ثم ينكشف لهم، ويظهر من ذلك الانفاق، ما يكون حسرة عليهم، من حيث أنهم لا ينتفعون بذلك الانفاق، لا في الدنيا، ولا في الآخرة، بل يكون وبالا عليهم.
(ثم يغلبون) في الحرب أي: يغلبهم المؤمنون. وفي هذا دلالة على صحة نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لأنه أخبر بالشئ قبل كونه، فوجد على ما أخبر به (والذين كفروا إلى جهنم يحسرون) أي: يجمعون إلى النار بعد تحسرهم في الدنيا، وقوع الظفر بهم، وقتلهم، وإنما أعاد قوله (والذين كفروا) لأن جماعة ممن أنفقوا أسلموا بعد، فخص منهم من مات على كفره بوعيد الآخرة (ليميز الله الخبيث من الطيب) معناه:
ليميز الله نفقة الكافرين من نفقة المؤمنين (ويجعل الخبيث بعضه على بعض) أي:
ويجعل نفقة المشركين بعضها فوق بعض (فيركمه) أي: فيجمعه (جميعا) في الآخرة (فيجعله في جهنم) فيعاقبهم به كما قال (يوم يحمى عليها في نار جهنم) الآية. وقيل معناه: ليميز الله الكافر من المؤمن في الدنيا بالغلبة، والنصر، والأسماء الحسنة، والأحكام المخصوصة، وفي الآخرة بالثواب والجنة، عن أبي مسلم.
وقيل: بأن يجعل الكافر في جهنم، والمؤمن في الجنة، ويجعل الخبيث بعضه على بعض في جهنم، يضيقها عليهم فيركمه جميعا أي: يجمع الخبيث حتى يصير كالسحاب المركوم، بأن يكون بعضهم فوق بعض في النار مجتمعين فيها، فيجعله في جهنم أي: فيدخله جهنم (أولئك هم الخاسرون) قد خسروا أنفسهم لأنهم اشتروا بإنفاق الأموال في المعصية عذاب الله في الآخرة.
قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنت الأولين 38 وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون يصير 39 وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى ونعم النصير 40.
اللغة: الانتهاء: الإقلاع عن الشئ لأجل النهي، يقال: نهاه عن كذا