يبق لهم عقب ولا نسل (والحمد لله رب العالمين) على إهلاك أعدائه وإعلاء كلمة رسله، حمد الله تعالى نفسه بأن استأصل شأفتهم (1)، وقطع دابرهم، لأنه سبحانه أرسل إليهم، وأنظرهم بعد كفرهم، وأخذهم بالبأساء والضراء، واختبرهم بالمحنة والبلاء، ثم بالنعمة والرخاء، وبالغ في الإنذار والإمهال والإنظار، فهو المحمود على كل حال.
وفي هذا تعليم للمؤمنين ليحمدوا الله تعالى على كفايته إياهم شر الظالمين، ودلالة على أن هلاكهم نعمة من الله تعالى يجب حمده عليها.
وروى علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المقري. عن فضيل بن عياض، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الورع، فقال: الورع هو الذي يتورع عن محارم الله، ويجتنب هؤلاء، وإذا لم يتق الشبهات وقع في الحرام، وهو لا يعرفه، وإذا رأى المنكر ولم ينكره، وهو يقدر عليه، فقد أحب أن يعصى الله، ومن أحب أن يعصى الله فقد بارز الله بالعداوة، ومن أحب بقاء الظالمين، فقد أحب أن يعصى الله، وان الله حمد نفسه على إهلاك الظالمين، فقال: (فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين).
قل أرءيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من أله غير الله يأتيكم انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون 46 قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون 47 وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون 48 والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون 49.
اللغة: صدف عن الشئ صدوفا: إذا مال عنه، والصدف والصدفة: الجانب والناحية، والصدف كل بناء مرتفع. وفي الحديث: (كان صلى الله عليه وآله وسلم إذا مر بصدف مائل، أسرع المشي).