والحافظات) لأن هذا فعل واحد قد تكرر، وعدي الأول منهما إلى المفعول، فعلم بتعدية الأول أن الثاني بمنزلته.
وأما قراءة من قرأ (يصرف): فالمسند إليه الفعل المبني للمفعول ضمير العذاب المتقدم ذكره، والذكر العائد إلى المبتدأ الذي هو (من) في القراءتين جميعا، الضمير الذي في (عنه). ومما يقوي قراءة من قرأ (يصرف) بفتح الياء أن ما بعده من قوله (فقد رحمه) مسند إلى ضمير اسم الله تعالى، فقد اتفق الفعلان في الإسناد إلى هذا الضمير. ومما يقوي ذلك أيضا: أن الهاء المحذوفة من يصرفه، لما كانت في حيز الجزاء، وكان ما في حيزه في أنه لا يتسلط على ما تقدمه بمنزلة ما في الصلة، في أنه لا يجوز أن يتسلط على الموصول، حسن حذف الهاء منه، كما حسن حذفها من الصلة.
المعنى: (من يصرف) العذاب (عنه يومئذ فقد رحمه) الله، يريد: من غفر له فإنه يثيبه الله لا محالة، وذكر سبحانه الرحمة مع صرف العذاب، لئلا يتوهم أنه ليس له إلا صرف العذاب عنه فقط (وذلك الفوز) أي: الظفر بالبغية (المبين) الظاهر البين، ويحتمل أن يكون معنى الآية: إنه لا يصرف العذاب عن أحد الا برحمة الله، كما روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (والذي نفسي بيده! ما من الناس أحد يدخل الجنة بعمله. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل. ووضع يده على فوق رأسه وطول صوته)، رواه الحسن في تفسيره. وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شئ قدير 17 وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير 18.
المعنى: ثم بين سبحانه أنه لا يملك النفع والضر إلا هو، فقال: (وإن يمسسك الله بضر) أي: إن يمسك بفقر، أو مرض، أو مكروه، (فلا كاشف له إلا هو) أي: لا مزيل ولا مفرج له عنك، الا هو، ولا يملك كشفه سواه، مما يعبده المشركون (وإن يمسسك بخير) أي: وإن يصبك بغنى، أو سعة في الرزق، أو صحة في البدن، أو شئ من محاب الدنيا (فهو على كل شئ) من الخير والضر