المعني بالآية مشركو العرب، قال: احتج عليهم بالأمر الظاهر، ثم بين أن منزلة محمد في ذلك كمنزلة موسى.
(نورا) أي: يستضاء به في الدين، كما يستضاء بالنور في الدنيا (وهدى للناس) أي: دلالة يهتدون به (تجعلونه قراطيس) أي: كتبا وصحفا متفرقة. وقال أبو علي الفارسي: معناه تجعلونه ذا قراطيس أي: تودعونه إياها (تبدونها وتخفون كثيرا) أي: تبدون بعضها، وتكتمون بعضها، وهو ما في الكتب من صفات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والإشارة إليه، والبشارة به.
(وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم) قيل: إنه خطاب للمسلمين يذكرهم ما أنعم به عليهم عن مجاهد، وقيل: هو خطاب لليهود أي: علمتم التوراة فضيعتموه، ولم تنتفعوا به. وقيل: معناه علمتم بالقرآن ما لم تعلموا، عن الحسن. (قل) يا محمد (الله) أي: الله أنزل ذلك، وهذا كما أن الانسان إذا أراد البيان والاحتجاج بما يعلم أن الخصم مقر به، ولا يستطيع دفعه، ذكر ذلك، ثم تولى الجواب عنه بما قد علم أنه لا جواب له غيره (ثم ذرهم في خوضهم يلعبون) أي: دعهم وما يختارونه من العناد، وما خاضوا فيه من الباطل واللعب، وليس هذا على إباحة ترك الدعاء، والإنذار، بل على ضرب من التوعد والتهدد، كأنه قال: دعهم فسيعلمون عاقبة أمرهم.
وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالأخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون 92.
القراءة: قرأ أبو بكر، عن عاصم (لينذر) بالياء. والباقون بالتاء.
الحجة: من قرأ بالتاء: يؤيد قراءة قوله (وأنذز به الذين يخافون)، و (إنما أنت منذر من يخشاها). ومن قرأ بالياء: جعل المنذر هو الكتاب، ويؤيده قوله:
(ولينذروا به) و (إنما أنذركم با الوحي) فلا يمتنع إسناد الإنذار إليه على وجه التوسع.
الاعراب:: (أنزلناه) جملة مرفوعة الموضع، صفة ل (كتاب).
و (مبارك) أيضا صفة له.