على معاصي الله في كل وقت وزمان، وإن نزلت بسبب أهل القرى الظالم أهلها، المشركين في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما خص سبحانه هذين الوقتين، لأنه أراد أنه لا يجوز لهم أن يأمنوا ليلا، ونهارا، عن الحسن (أفأمنوا مكر الله) أي: أفبعد هذا كله، أمنوا عذاب الله أن يأتيهم من حيث لا يشعرون، عن الجبائي، قال: دخلت الفاء للتعقيب، وسمي العذاب مكرا، لنزوله بهم من حيث لا يعلمون، كما أن المكر ينزل بالممكور به من جهة الماكر، من حيث لا يعلمه. وقيل: إن مكر الله:
استدراجه إياهم بالصحة، والسلامة، وطول العمر، وتظاهر النعمة.
(فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) يسأل عن هذا فيقال: إن الأنبياء والمعصومين أمنوا مكر الله، وليسوا بخاسرين؟ وجوابه من وجوه أحدها: إن معناه لا يأمن مكر الله من المذنبين إلا القوم الخاسرون، بدلالة قوله سبحانه: (ان المتقين في مقام أمين) وثانيها: إن معناه لا يأمن عذاب الله للعصاة إلا الخاسرون، والمعصومون لا يأمنون عذاب الله للعصاة، ولهذا سلموا من مواقعة الذنوب.
وثالثها: لا يأمن عقاب الله جهلا بحكمته، إلا الخاسرون. ومعنى الآية الإبانة عما يجب أن يكون عليه المكلف من الخوف، لعقاب الله تعالى، ليسارع إلى طاعته، واجتناب معاصيه، ولا يستشعر الأمن من ذلك، فيكون قد خسر في دنياه وآخرته، بالتهالك في القبائح.
أو لم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون 100 تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين 101 وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين 102 القراءة: قرأ يعقوب برواية زيد: (أو لم نهد) بالنون، وكذلك في طه، والسجدة، وبه قرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وقتادة. والباقون بالياء.