خروجكم إلى هذا الموضع، لتستولوا على مصر، فتخرجوا منها أهلها (فسوف تعلمون) عاقبة أمركم، وهذا وعيد لهم، ثم بين الوعيد فقال: (لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف) أي: من كل شق طرفا. قال الحسن: هو أن يقطع اليد اليمنى مع الرجل اليسرى، وكذلك اليد اليسرى مع الرجل اليمنى.
(ثم لأصلبنكم أجمعين) أي: لا أدع واحدا منكم إلا صلبته. وقيل: إن أول من قطع الرجل، وصلب، فرعون، صلبهم في جذوع النخل على شاطئ نهر مصر. (قالوا) يعني السحرة جوابا لفرعون: (إنا إلى ربنا منقلبون) أي: راجعون إلى ربنا بالتوحيد والإخلاص، عن ابن عباس. والإنقلاب إلى الله تعالى هو الانقلاب إلى جزائه، وغرضهم بهذا القول التسلي في الصبر على الشدة، لما فيه من المثوبة مع مقابلة وعيده بوعيد أشد منه، وهو عقاب الله (وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا) معناه: وما تطعن علينا، وما تكره منا، إلا إيماننا بالله، وتصديقنا بآياته التي جاءتنا، قال ابن عباس: معناه ما لنا عندك من ذنب، ولا ركبنا منك مكروها تعذبنا عليه، الا إيماننا بآيات ربنا، وهي ما أتى به موسى عليه السلام آمنوا بها، أنها من عند الله، ولا يقدر على مثلها إلا هو (ربنا أفرغ علينا صبرا) أي: أصبب علينا الصبر عند القطع والصلب، حتى لا نرجع كفارا. والمراد: ألطف لنا حتى نتصبر على عذاب فرعون، ونتشجع عليه، ولا نفزع منه (وتوفنا مسلمين) أي: وفقنا للثبات على الإيمان والإسلام إلى وقت الوفاة. وقيل: مسلمين مخلصين لله، حتى لا يردنا البلاء عن ديننا. قالوا: فصلبهم فرعون من يومه، فكانوا أول النهار كفارا سحرة، وآخر النهار شهداء بررة. وقيل أيضا: إنه لم يصل إليهم، وعصمهم الله منه!
وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك قال سنقتل أبناءهم ونستحي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون 127.
القراءة: روي عن علي بن أبي طالب عليه السلام، وابن عباس، وابن مسعود، وأنس بن مالك، وعلقمة، وغيرهم: (ويذرك وآلهتك). وعن نعيم بن ميسرة، والحسن بخلاف: (ويذرك) بالرفع. وعن الأشهب: (ويذرك) بسكون الراء،