رسول الله الينا، وفي نزول العذاب بنا، لو لم نترك عبادة الأصنام.
(قال) هود لقومه جوابا عما قالوه: (قد وقع عليكم) أي: وجب عليكم، وحل بكم لا محالة، فهو كالواقع (من ربكم رجس) أي: عذاب (وغضب) والغضب من الله: إرادة العذاب بمستحقيه، ومثله السخط (أتجادلونني) أي:
أتناظرونني وتخاصمونني (في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم) أي: في أصنام صنعتموها أنتم وآباؤكم، واخترعتم لها أسماء سميتموها آلهة، وما فيها من معنى الإلهية شئ. وقيل: معناه تسميتهم لبعضها أنه يسقيهم المطر، ولآخر أنه يأتيهم بالرزق، ولآخر أنه يشفي المرض، ولآخر أنه يصحبهم في السفر.
(ما نزل الله بها من سلطان) أي: حجة وبرهان وبينة، وعليكم البينة بما ادعيتم وسميتم، وليس علي أن آتيكم بالبينة على ما تعبدون من دون الله، بل ذلك عليكم، وعلي أن آتيكم بسلطان مبين، إن الله تعالى هو المعبود، ولا معبود سواه، وإني رسوله (فانتظروا) عذاب الله، فإنه نازل بكم (إني معكم من المنتظرين) لنزوله بكم، عن الحسن، والجبائي، والمفسرين (فأنجيناه والذين معه برحمة منا) أي: فخلصنا هودا والذين كانوا آمنوا معه من العذاب، باخراجنا إياهم من بينهم، قبل إنزال العذاب بهم (وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا) أي: واستأصلنا الذين كذبوا بحججنا بعذاب الاستئصال، فلم يبق لهم نسل، ولا ذرية (وما كانوا مؤمنين) بالله ورسوله، وإنما قال ذلك ليبين أنه كان المعلوم من حالهم، أنه لو لم يهلكهم ما كانوا ليؤمنوا، كما قال في موضع آخر: (ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا) وفي هذه الآية دلالة على أن قوم هود استؤصلوا، فلا عقب لهم.
قصة هود: جملة ما ذكره السدي، ومحمد بن إسحاق، وغيرهما من المفسرين، في قصة هود أن عادا كانوا ينزلون اليمن، وكانت مساكنهم منها بالشحر والأحقاف، وهي رمال يقال لها رمل عالج والدهناء ويبرين ما بين عمان إلى حضرموت. وكان لهم زرع ونخل، ولهم أعمار طويلة، وأجساد عظيمة، وكانوا أصحاب أصنام يعبدونها، فبعث الله تعالى إليهم هودا نبيا، وكان من أوسطهم نسبا، وأفضلهم حسبا، فدعاهم إلى التوحيد، وخلع الأنداد، فأبوا عليه، وكذبوه، وآذوه، فأمسك الله عنهم المطر سبع سنين، وقيل: ثلاث سنين، حتى قحطوا.