أي: يعرض في الكلام، ولا يصرح به، وقيل: إنه من اللحن الذي هو سرعة الفهم والفطنة. وعلى هذا فيكون معنى الوزن أنه قام في النفس مساويا لغيره، كما يقوم الوزن في مرآة العين كذلك، وأما حسن القول الثاني: فلمراعاة الخبر الوارد فيه، والجري على ظاهره.
(فمن ثقلت موازينه) إنما جمع الموازين لأنه يجوز أن يكون لكل نوع من أنواع الطاعات يوم القيامة ميزان، ويجوز أن يكون كل ميزان صنفا من أصناف أعماله، ويؤيد هذا ما جاء في الخبر: (إن الصلاة ميزان، فمن وفى استوفى).
(فأولئك هم المفلحون) أي: الفائزون بثواب الله (ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم) بأن استحقوا عذاب الأبد (بما كانوا بآياتنا يظلمون) أي: بجحودهم بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم من آياتنا وحججنا. والخسران: ذهاب رأس المال، ومن أعظم رأس المال النفس، فإذا أهلك نفسه بسوء عمله، فقد خسر نفسه.
(ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون 10 ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين) 11.
القراءة: قرأ كل القراء: (معايش) بغير همز. وروى بعضهم، عن نافع:
(معائش) ممدودا، مهموزا.
الحجة: قال أبو علي: معايش: جمع معيشة، واعتل معيشة، لأنه على وزن يعيش، وزيادته زيادة تختص الاسم دون الفعل، فلم يحتج إلى الفصل بين الاسم والفعل، كما احتيج إليه فيما كانت زيادته مشتركة، نحو الهمزة في أخاف، وهو أخوف منك. وموافقة الاسم لبناء الفعل توجب في الاسم الاعتلال، ألا ترى أنهم أعلوا بابا ونابا ويوم راح لما كان على وزن الفعل، وصححوا نحو: حول، وغيبة، ولومة، لما لم تكن على مثال الفعل، فمعيشة: موافقة للفعل في البناء. ألا ترى أنه مثل يعيش في الزنة، وتكسيرها يزيل مشابهته في البناء، فقد علمت بذلك زوال