يقل الله سبحانه (سحروا أعين الناس) بل كان يقول فلما ألقوا صارت حياة. وقد قال سبحانه أيضا: (يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى) (واسترهبوهم) أي:
استدعوا رهبتهم حتى رهبهم الناس، عن الزجاج. وقيل: معناه أرهبوهم وأفزعوهم، عن المبرد (وجاءوا بسحر عظيم) وصف سحرهم بالعظم لبعد مرام الحيلة فيه، وشدة التمويه به، فهو لذلك عظيم الشأن عند من يراه من الناس، ولأنه على ما ذكرناه في عدة السحرة وكثرتهم، كان مع كل واحد منهم عصا، أو حبل، فلما ألقوا، وخيل إلى الناس أنها تسعى، استعظموا ذلك، وخافوه.
وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون 117 فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون 118 فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين 119 وألقى السحرة ساجدين 120 قالوا آمنا برب العالمين 121 رب موسى وهارون 122.
القراءة: قرأ حفص، عن عاصم: (تلقف) خفيفة في طه، والشعراء، مثله. والباقون (تلقف) بتشديد القاف في جميعها.
الحجة: تلقف وتلقم واحد، وأصله تتلقف، فحذفت التاء التي للمطاوعة في تفعل، وثبتت التاء التي للمضارعة، وتلقف ساكنة اللام مضارع لقف، يلقف، لقفا، قال الشاعر:
أنت عصا موسى التي لم تزل تلقف ما يأفكه الساحر اللغة: الإفك: قلب الشئ عن وجهه في الأصل، ومنه الإفك: الكذب، لأنه قلب المعنى عن جهة الصواب، أصل الوقوع: السقوط، كسقوط الحائط، والطائر. والواقعة: النازلة من السماء. قال علي بن عيسى: الوقوع ظهور الشئ بوجوده نازلا إلى مستقره. والحق: كون الشئ في موضعه الذي اقتضته الحكمة.
والباطل: الكائن بحيث يؤدي إلى الهلاك، وهو نقيض الحق. فإن الحق كون الشئ بحيث يؤدي إلى النجاة. والغلبة: الظفر بالبغية من العدو في حال المنازعة.
والصاغر: الذليل، والصغر والصغار: الذلة، يقال صغر الشئ، يصغر، صغرا وصغرا، وصغارا: إذا ذل، وأصله صغر القدر.