انقطع طمعهم عن الإتيان بمثله، إذ جنس ذلك لم يكن في مقدورهم.
(إن هذا إلا أساطير الأولين) معناه ما هذه إلا أحاديث الأولين تتلوها علينا، وكان قائل هذا النضر بن الحارث بن كلدة، وأسر يوم بدر، فقتله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعقبة بن أبي معيط قال: يا علي! علي بالنضر أبغيه، فأخذ علي بشعره، وكان رجلا جميلا له شعر، فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا محمد! أسألك بالرحم بيني وبينك إلا أجريتني كرجل من قريش، إن قتلتهم قتلتني، وإن فاديتهم فاديتني!
فقال صلى الله عليه وآله وسلم: لا رحم بيني وبينك، قطع الله الرحم بالإسلام، قدمه يا علي فاضرب عنقه. فضرب عنقه، ثم قال: يا علي! علي بعقبة. فأحضر، فقال: يا محمد ألم تقل! لا تصبر قريش؟ أي لا يقتلون صبرا. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: وأنت من قريش، إنما أنت علج من أهل صفورية، والله لأنت في الميلاد أكبر من أبيك الذي تدعى له، قال: فمن للصبية؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: النار. ثم قال: حن قدح ليس منها.
قال سعيد بن جبير: قتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر ثلاثة نفر من قريش صبرا:
المطعم بن عدي، والنضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط (وإذ قالوا) أي: واذكر يا محمد إذ قالوا أي: قال هؤلاء الكفار (اللهم إن كان هذا) الذي جاء به محمد (هو الحق من عندك) دون ما نحن عليه (فأمطر علينا حجارة من السماء) كما أمطرته على قوم لوط (أو ائتنا بعذاب أليم) أي: شديد مؤلم، والقائل لذلك النضر بن الحارث أيضا، عن سعيد بن جبير، ومجاهد. وروي في الصحيحين أن هذا من قول أبي جهل.
ويسأل هاهنا فيقال: لم طلبوا العذاب في الله بالحق، وإنما يطلب الخير والثواب والأجر؟ والجواب: إنهم كانوا يعتقدون أن ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليس بحق من الله، وإذا لم يكن حقا لم يصبهم شئ. ويقال: لم قال: أمطر من السماء، والإمطار لا يكون إلا من السماء؟ وفي هذا جوابان أحدهما: إنه يجوز أن يكون إمطار الحجارة من مكان عال غير السماء والثاني: إنه على طريق البيان بمن.
ثم قال سبحانه: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) ذكر سبحانه سبب إمهالهم ومعناه: وما كان الله يعذب أهل مكة بعذاب الاستئصال، وأنت مقيم بين أظهرهم لفضلك وحرمتك يا محمد، فإن الله تعالى بعثك رحمة للعالمين، فلا يعذبهم إلا بعد