بالمؤمنين الذين ينصرونك على أعدائك (وألف بين قلوبهم) وأراد بالمؤمنين الأنصار، وهم الأوس، والخزرج، عن أبي جعفر عليه السلام، والسدي، وأكثر المفسرين، وأراد بتأليف القلوب ما كان بين الأوس والخزرج من المعاداة والقتال، فإنه لم يكن حيان من العرب بينهما من العداوة، مثل ما كان بين هذين الحيين، فألف الله بين قلوبهم، حتى صاروا متوادين متحابين، ببركة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، وقيل:
أراد كل متحابين في الله، عن مجاهد.
(لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم) أي: لم يمكنك جمع قلوبهم على الإلفة، وإزالة ضغائن الجاهلية. (ولكن الله ألف بينهم) بأن لطف لهم بحسن تدبيره. وبالإسلام الذي هداهم إليه (إنه عزيز حكيم) لا يمتنع عليه شئ يريد فعله، ولا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة، قال الزجاج: وهذا من الآيات العظام، وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث إلى قوم أنفتهم شديدة، بحيث لو لطم الرجل من قبيلة لطمة قاتل عنه قبيلته، فألف الإيمان بين قلوبهم، حتى قاتل الرجل أباه، وأخاه، وابنه، فأعلم الله سبحانه، أن هذا ما تولاه منهم إلا هو.
يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين 64 يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون 65 الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين.
القراءة: (إن يكن منكم مائة) بالياء، فيهما كوفي، والأول بالتاء بصري (ضعفا) بفتح الضاد كوفي الا الكسائي. والباقون بضم الضاد، ولكنهم سكنوا العين، إلا أبا جعفر، فإنه قرأ (ضعفاء)، على وزن فعلاء.
الحجة: من قرأ بالياء فإنه أراد به المذكر يدلك على ذلك قوله تعالى (يغلبوا)