قالوا ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين 12 قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين 13.
اللغة: الصاغر: الذليل بصغر القدر، يقال: صغر، يصغر صغرا، وصغارا، فهو صاغر: إذا رضي بالضيم. ومن الصغر ضد الكبر: صغر يصغر. قال ابن السكيت: يقال فلان صغرة ولد أبيه أي: أصغرهم.
الاعراب:: (ما) في قوله: (ما منعك) مرفوع الموضع، والمعنى: أي شئ منعك؟ ولا ملغى في قوله: (ألا تسجد). المعنى: ما منعك أن تسجد.
ومثله قوله سبحانه (لئلا يعلم) ومعناه: لأن يعلم، وقال الشاعر:
أبى جوده لا البخل، واستعجلت به نعم من فتى لا يمنع الجود قاتله (1) قالوا: معناه أبى جوده البخل. وقال أبو عمرو بن العلاء: الرواية أبى جوده لا البخل بالجر، والمعنى: أبى جوده لا التي تبخل الانسان. قال الزجاج: وروي فيه وجها آخر حسنا، وهو: أن يكون لا غير لغو، ويكون البخل منصوبا بدلا من لا، والمعنى أبى جوده لا التي هي البخل، فكأنه قال: أبى جوده البخل، وقد قيل:
إنما دخل لا في قوله (ألا تسجد) لأن معناه: ما دعاك إلى أن لا تسجد، أو ما أحوجك إلى أن لا تسجد.
المعنى: ثم حكى سبحانه خطابه لإبليس، حين امتنع من السجود لآدم، بقوله (قال) أي: قال الله تعالى (ما منعك أن لا تسجد) أي: ما دعاك إلى أن لا تسجد، وما اضطرك إليه، أو ما منعك أن تسجد (إذ أمرتك) بالسجود لآدم (قال) إبليس: (أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين)، وهذا الجواب غير مطابق، لأنه كان يجب أن يقول: منعني كذا، لأن قوله (أنا خير منه) جواب لمن يقول:
أيكما خير؟ ولكن فيه معنى الجواب، ويجري ذلك مجرى أن يقول القائل لغيره:
كيف كنت؟ فيقول: أنا صالح. وكان يجب أن يقول: كنت صالحا، لكنه جاز ذلك لأنه أفاد أنه صالح في الحال، مع أنه كان صالحا فيما مضى.