بلاء، كما يقال للمضرة بلاء، لأن أصل البلاء: ما يظهر به الأمر من الشكر والصبر، فيبتلي سبحانه عباده أي: يختبرهم بالنعم، ليظهر شكرهم عليها، وبالمحن والشدائد، ليظهر عندها الصبر الموجب للأجر. والبلاء الحسن هاهنا هو النصر، والغنيمة، والأجر، والمثوبة.
النظم: وقيل في وجه اتصال هذه الآية بما قبلها وجهان أحدهما: إنه سبحانه لما أمرهم بالقتال في الآية المتقدمة، ذكر عقيبها أن ما كان من الفتح يوم بدر، وقهر المشركين، إنما كان بنصرته ومعونته، تذكير للنعمة عن أبي مسلم والآخر: إنهم لما أمروا بالقتال ثم كان بعضهم يقول: أنا قتلت فلانا، وأنا فعلت كذا، نزلت الآية على وجه التنبيه لهم، لئلا يعجبوا بأعمالهم.
ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين 18 إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين 19 يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون 20 ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون 21.
القراءة: قرأ أهل الحجاز وأبو عمرو، ويعقوب، برواية روح: (موهن) بالتشديد غير منون، (كيد) بالجر على الإضافة. وقرأ الباقون: (موهن) بالتنوين والتخفيف، (كيد): بالنصب. وقرأ حفص عن عاصم: (موهن) بالتخفيف، (كيد) بالنصب. وقرأ أهل المدينة، وابن عامر، وحفص: (وأن الله مع المؤمنين) بفتح الألف. والباقون بكسر الألف.
الحجة: من قرأ (موهن) فإنه من أوهنته أي: جعلته واهنا، ومن شدد فإنه من وهنته، كما يقال: فرح وفرحته، وكلاهما حسن. ومن قرأ (وإن الله) بكسر الهمزة فإنه قطعه مما قبله، ويقويه أنهم زعموا أن في حرف عبد الله (1): (والله مع